"خلّيك بالبيت"... العبارة الأكثر تداولاً بين اللّبنانيّين في زمن كورونا، فكيف غنَّتها فيروز منذ سنوات؟!

9:00
15-03-2020
أميرة عباس
"خلّيك بالبيت"... العبارة الأكثر تداولاً بين اللّبنانيّين في زمن كورونا، فكيف غنَّتها فيروز منذ سنوات؟!

"خلّيك بالبيت"، لعلّها العبارة الأكثر تداولاً بين اللّبنانيّين اليوم في زمن كورونا... في زمن فرض علينا حماية أنفسنا وغيرنا بأنفسنا عبر الإلتزام بقرار المكوث داخل المنزل لتوخّي الحذر من عدوّ العصر المُستَجد والمُؤقَّت ألا وهو وباء كورونا. لكن هذه العبارة غنّتها سفيرتنا إلى النجوم فيروز منذ سنوات عديدة عبر أغنية "خلّيك بالبيت"، وهنا سنرصد تفاصيلها.

قدّمت فيروز هذه الأغنية في مرحلة مفصليّة من مسيرتها الفنية العريقة والتي يمكننا عَنْوَنتها "فيروز ما بعد الأخويْن الرحباني" والتي تتمثّل بمرحلة "توأمة" فيروز مع نجلها الفنان العبقري زياد الرحباني، إذ غنّت فيروز "خلّيك بالبيت" ضمن ألبوم "معرفتي فيك" الذي طُرح في منتصف الثمانينات، وهو الألبوم عيْنه الذي تضمّن الأغنيات التالية:"لِبيروت، عودك رنّان، رح نبقى سوى" وغيرها... وفي هذه المرحلة كانت قد بدأت فيروز تُمهِّد للتعاون مع زياد بشكل متقطّع بالرغم من التعاونات السابقة بينهما قبل "خليك بالبيت" والتي أثْمرت في مهدها أغنية "سألوني الناس" قبل أن تولد بعد سنوات عديدة أغنية "كيفك إنت" وما بينهما من أغنيات أخرى مثل "ع هدير البوسطة"، ولكي تُدرك مكامِن الإختلاف بين هذه الأغنيات والمعنى المقصود من تمهيد التعاون بينهما، ما عليكَ سوى أن تغمض عينيْك وتسترجع في ذاكرتك ملامح تلك الأغنيات الآنف ذكرها والتفاوت في الواقعية لناحية الكلمات والموسيقى! لِتكتشف الخط التصاعدي في التعاون بين فيروز وزياد منذ السبعينات وصولاً لِمطلع التسعينات.

بذلك، سترى الجرأة التي غنّت فيها فيروز كلمات "خليك بالبيت" وهي من تأليف الشاعر جوزيف حرب حيث يُستهلّ مطلعها بالتالي:"خليك بالبيت هلأ حبيت/ رح كون وحيدي وحدي فليت..."، مع نغمة موسيقية زياديّة تيمّناً بِمُلحّنها زياد الرحباني الذي رفض إرتداء "جلباب" أبيه وعمّه الكبيران عاصي ومنصور الرحباني، فغنّت فيروز من خلال هذا العمل أغنية مختلفة عن سائر أعمالها.

هذا الإختلاف المُستجَد في أغنية "خليك بالبيت" لم يَسْلَم من الإنتقاد حيث إعتبرت بعض الآراء أنّ زياد وَرَّط فيروز في تقديم الواقعية بشكل إستنسابي مع إستخدام اللغة المحكيّة البسيطة حين تقول الأغنية "ما تضل عالباب كرمالي فوت/ ما خلّى الليل طرقات وبيوت/ ضجراني وشوب وكتير سكوت/ الله يخليك خليك بالبيت خليك"، وهذا أمر لم يكن معتاداً في أغنيات سفيرتنا إلى النجوم، لحين إقتنع جمهور فيروز بعدها بهذا الإختلاف النوعي الذي تُقدّمه ما يُشبه حياتنا اليومية دون تكلّف فأصبح أقرب إلى الناس منذ إصدار أغنية "خليك بالبيت" حتّى تمثّل النجاح الساحق بين فيروز وزياد في هذا اللون المختلف بعد خمس سنوات من طرح الأغنية المذكورة عبر إطلاق أغنية "كيفك إنت" (عام 1991).

أما بعد مرور كل هذه السنوات، تَحْضَر هذه الأغنية إلى أذهاننا اليوم لِتتفوّه بها أَلْسِنَتنا على طريقة "اللّسان الجماعي" قائلين مع أي مكالمة هاتفية أو حتى "واتسابية":"لوين... خلّيك بالبيت!" خوفاً من مارد كورونا الذي يزور هذا الكون قبل أن يُغادره أو يُغادرنا ولحين الوصول إلى ذلك "إبقوا آمنين وفي المنازل مَاكثين"!