بعد أزمة الهيبة، هل أصبح "خيال" المُؤلِّف مُقيَّداً وممنوعاً في وطن الحريات؟!

7:00
29-05-2018
أميرة عباس

بات الحديث عن مطالبات إيقاف عرض مسلسل "الهيبة - العودة"، حديث الساعة، وقد تعمّدنا عدم التطرّق لهذا الموضوع في اليوميْن الأخيريْن إلا أنّه خلال ساعات الليل إنتشرت مُجدَّداً الصور التي تخص الإخبار القضائي الذي يُواجِه المسلسل الآنف ذكره، بما في ذلك من محاولة لتصعيد هذا الأمر لذا وجب التوقّف عنده.

 

في بادئ الأمر نُشير إلى أنّه لا شك في أنّ التعبير عن الرأي بما فيه من سلبيات أم إيجابيات هو جزء من الحريات بشكل عام، أما بشكل خاص فمن هذا المنطلق يحق للجمهور والرأي العام الموافقة أو الإعتراض على أي عمل فني لكن ما هو غير مسموح به إستخدام لغة التطاول على ممثل أو كاتب أو منتج إلخ... وما يتعرّض له مسلسل الهيبة بجزئه الثاني ليس عادلاً.

 

رغم أنّنا لدينا بعض الملاحظات حول مسلسل الهيبة - العودة بما فيها عدم المنطقيّة في إستخدام "اللهجة البيروتية" لبعض شخصيات "آل السعيد" في العمل، إلّا أنّ قوة أداء الممثلين البارعين والحبكة الدرامية المُشوِّقة والإبتعاد عن المماطلة الدرامية، هذه العناصر كلّها تشكّل عوامل لنجاح هذا المسلسل وإنتشاره جماهيرياً، أما الإتهامات ضدّه فتُشير إلى أنّ مسلسل الهيبة- العودة يُسيء لمنطقة معيّنة في لبنان، وهذا الإتهام باطل لطالما أنّ مؤلّف القصة هوزان عكو أتى بهذه القصة من خياله المحض لذلك إعتمد التتر الخاص بهذا المسلسل على نص مقتضب تؤكّد عباراته على أنّ مسلسل الهيبة بالمكان والزمان والشخصيات هو من وحي خيال المؤلّف، لنتفاجأ بأنّ عدداً من المحاميين اللبنانيين رفعوا دعوى قضائية ضد المسلسل توجّهوا فيها إلى النائب العام التمييزي، ومن هنا نتساءل عمّا لو أصبح خيال المؤلّف مُقيّداً بل ممنوعاً في بلد الحريات!

 

بالأخص أنّ هناك عدداً كبيراً من الأعمال الدرامية التي تعتمد على وحي المؤلّف وفي ذات الوقت يعتقد المُشاهِد بأنّها جزء من الواقع، وهذا الأمر منطقي في النصوص الدرامية والروايات الأدبية، لذلك لم نشهد على هجوم مماثل لما يحصل اليوم مع صنّاع مسلسل "الهيبة العودة".

 

ويبقى الترقُّب هو سيّد الموقف لمعرفة تبعات هذا الإخبار القضائي، لكن لو أُحيل هذا الأمر إلى القضاء والتحقيقات فسيُصبح بعدها أي نص درامي قائماً على الواقع أو الخيال مُهدّداً بمواجهة القضاء بما في ذلك من تقييد لحرية الفن في الوقت الذي نرى خلاله أعمالاً فنية أخرى تُشوِّه صورة مجتمع وشعوب بأكملها – عن حق وليس عن باطل- لكنّها تُعرَض عبر الشاشات بلا حسيب ولا رقيب !