الكوابيس المتكررة: هل هي إنذار مبكر للخرف؟!

15:29
10-03-2025
الكوابيس المتكررة: هل هي إنذار مبكر للخرف؟!

كشفت دراسة حديثة عن علاقة محتملة بين الأحلام السيئة المتكررة أي الكوابيس والزيادة في خطر الإصابة بالخرف، خاصة لدى الأشخاص في منتصف العمر أو الأكبر سنًا، كما ذكر موقع Science Alert نقلته العربية.

ووفقًا لأبيديمي أوتيكو، وهو أستاذ أكاديمي سريري في المعهد الوطني للأبحاث الصحية في علم الأعصاب بجامعة برمنغهام، تشير نتائج دراسة أُجريت في 2022 ونشرت في eClinicalMedicine التابعة لـ The Lancet، إلى أن الأحلام السيئة قد تكشف الكثير عن صحة الدماغ.

في التفاصيل، استندت الدراسة إلى بيانات من ثلاث دراسات أميركية كبرى حول الصحة والشيخوخة، شملت أكثر من 600 شخص تتراوح أعمارهم بين 35 و64 عامًا، و2600 شخص أعمارهم 79 عامًا أو أكثر. تم تتبع المشاركين لمدة 9 سنوات في المتوسط في مجموعة منتصف العمر و5 سنوات للمجموعة الأكبر سنًا.

وخلال بداية الدراسة في 2002، أُجري استبيان على المشاركين يتضمن أسئلة حول تكرار الكوابيس والأحلام السيئة.

بعدها، تم تحليل البيانات لمقارنة تأثير تكرار الكوابيس على التدهور المعرفي وإمكانية تشخيص الخرف.

في هذا السياق، وجد الباحثون أن الأشخاص في منتصف العمر الذين يعانون من كوابيس أسبوعية كانوا أكثر عرضة بأربع مرات للإصابة بتدهور معرفي على مدار العقد التالي، بينما كان الأشخاص الأكبر سناً أكثر عرضة بمرتين. وكانت العلاقة بين الكوابيس والخرف أقوى لدى الرجال، حيث كان الرجال الأكبر سناً الذين يعانون من كوابيس أسبوعية أكثر عرضة للإصابة بالخرف بخمس مرات مقارنة بالذين لا يعانون من تلك الكوابيس. في المقابل، كانت المخاطر أعلى بنسبة 41% فقط لدى النساء.

وتشير هذه النتائج إلى أن الكوابيس المتكررة قد تكون من العلامات المبكرة للخرف، التي قد تسبق مشاكل الذاكرة والتفكير بعدة سنوات أو حتى عقود، وخاصة لدى الرجال. الخبر الجيد هو أن الكوابيس المتكررة قابلة للعلاج، حيث أظهرت بعض التقارير تحسنًا في الذاكرة والقدرات المعرفية بعد علاج الكوابيس. ويخطط الدكتور أوتيكو لمزيد من البحث لفحص ما إذا كانت خصائص أخرى للأحلام مثل عدد المرات التي يتذكر فيها الشخص أحلامه ومدى وضوحها يمكن أن تشير أيضًا إلى خطر الإصابة بالخرف في المستقبل.

نفيد بالذكر أنّ الكوابيس المتكررة لا تقتصر فقط على التأثير الجسدي أو العقلي، بل تمتد آثارها إلى الحالة النفسية للأفراد، حيث يمكن أن تترك تأثيرًا عميقًا على نوعية حياتهم. الأشخاص الذين يعانون من الكوابيس بشكل مستمر قد يواجهون مشاعر القلق والتوتر التي تتراكم مع مرور الوقت، مما يؤدي إلى تدهور صحتهم النفسية. هذه الكوابيس قد تثير مشاعر الخوف المستمر والشكوك الذاتية، مما يجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب أو القلق المزمن. بالإضافة إلى ذلك، قد يعاني هؤلاء الأفراد من اضطرابات في النوم، مما يعزز دائرة مفرغة من قلة الراحة وزيادة التوتر. مع مرور الوقت، قد يؤثر هذا على الأداء اليومي والعلاقات الاجتماعية، ويقلل من قدرة الشخص على التعامل مع التحديات الحياتية بشكل طبيعي. وبالتالي، يمكن القول إن الكوابيس المتكررة لا تؤثر فقط على النوم، بل تمتد لتؤثر على الجوانب النفسية والاجتماعية للأفراد.

في الختام، تقدم الكوابيس المتكررة نافذة هامة لفهم التغيرات النفسية والعصبية التي قد تحدث في مراحل حياتنا المختلفة، خاصة عندما ترتبط بمخاطر صحية مثل الخرف. نتائج الدراسات الحديثة تشير إلى أن هذه الأحلام السيئة قد تكون أحد المؤشرات المبكرة لتدهور الذاكرة والقدرات العقلية، مما يعزز الحاجة إلى الانتباه لهذه الظاهرة. لكن الأخبار الإيجابية تكمن في أنه يمكن معالجة هذه الكوابيس والتخفيف من تأثيرها السلبي، مما يفتح الأفق أمام تدخلات مبكرة قد تساهم في تحسين صحة الأفراد العقلية والنفسية. مع التقدم في الأبحاث، يمكن أن نأمل في إيجاد طرق أفضل للتعامل مع الكوابيس وتحسين جودة حياة الأشخاص الذين يعانون منها، وهو ما قد يمثل خطوة كبيرة نحو الوقاية والتشخيص المبكر للأمراض العصبية.