"ساعة ونص" يختصر الواقع اللبناني بِقالب فكاهي، وبعد مُشاهدته إليكم رسالتِه!

18:20
01-03-2018
أميرة عباس
"ساعة ونص" يختصر الواقع اللبناني بِقالب فكاهي، وبعد مُشاهدته إليكم رسالتِه!

تردّدت على مسامعنا الكثير من التعليقات الإيجابية حول فيلم "ساعة ونص" الذي يلعب دور البطولة فيه الممثل عباس شاهين، تاتيانا مرعب وعدد من الممثلين اللبنانين كضيوف شرف وهو من تأليف كلوديا مرشليان، إخراج وإنتاج نديم مهنا.

وهذا ما دفعنا لمشاهدة الفيلم الذي ما زال يُعرض في دور العرض السينمائية اللبنانية، فوجدنا أنّ هذا العمل عَكَس الواقع الذي يعيشه المواطن اللبناني في حياته اليومية ضمن قالب كوميدي لتنطبق عليه عبارة " من المُضحك المُبكي" لأنه بإختصار كما نقول بلهجتنا اللبنانية المحض "حط أصبعو عالجرح".

في بداية الفيلم، نشاهد لقطات من الأحياء الشعبية التي يقطن فيها عدداً كبيراً من اللبنانيين الذين لا يمتلكون المال لشراء المنازل الراقية، ويُحرَمون من حق بسيط وبديهي ألا وهو "الماء من أجل الإستحمام" وهذه هي أول مشكلة يعاني منها البطل مع بداية نهاره الطويل، علماً أنّ بطل الفيلم يجسّد شخصيته السينمائية بذات إسم شخصيته الحقيقية "عباس شاهين"، ويعيش مع جدته التي تؤدي دورها الممثلة ختام اللحام، وبعد أن يضطر شاهين لسرقة المياه من "خزان" الجيران ليحل مشكلته، يجد جدته تستولي على المياه لكي تسقي الزهور وتخاطبهم لتقول "بلبنان ما بيقدروا الحلوين" وكأنها توجّه فيها رسالة مبطّنة.

تدور أحداث الفيلم حول رغبة عباس وخطيبته التي تلعب دورها تاتيانا مرعب في الهجرة إلى كندا، فيُرسِل المسؤولون في السفارة الكندية بريداً إلكترونياً إلى عباس الذي يُهمل الإطلاع على بريده، إلا أنّ خطيبته تعلم بالصدفة أنهما حصلا على الفيزا من السفارة الكندية لكن مهلة إستلامها ستنقضي في اليوم التالي ولديهما ساعة ونصف فقط للحصول عليها قبل إنتهاء الدوام الرسمي في السفارة. وعلى مدار هذه الساعة والنصف يعاني شاهين من مشاكل لا تنتهي !

في البداية يوقفهما شرطي السير ويحجز دراجتهما النارية لعدم إلتزامهم بالشروط الوقائية في قيادة الدراجة رغم أنّ الفوضى تعم الشارع بسبب سائقي الدراجات "الطائشين"، وحينما يضطر عباس وخطيبته أن يستقلا سيارة أجرة يكتشفان أنّ هناك إعتصاماً للسائقين من ثم يحظيان بسائق غير مشارك في الإعتصام لكنه يتشاجر مع سائق آخر ويصل الشجار إلى حد إطلاق النار فيُصاب عباس برصاصة طائشة، ورغم كل هذه العوائق أصر البطلان على الذهاب إلى السفارة قبل إنقضاء الوقت ليتفاجآ بإعتصام لأصحاب الشاحنات وبعدما يهربان من المعتصمين يقوم أحد السائقين(يجسد دوره الممثل أسعد رشدان) بحرق نفسه مُعترضاً على الوضع المعيشي في لبنان. ويبقى عباس مُصراً على السير نحو السفارة إلى أن يتعرض لسرقة حقيبة يده التي تحتوي على جوازات السفر والمال الذي سيدفعه لشراء الفيزا، وفي نهاية المطاف يتم القبض عليه لإتهامه ظلماً بالقتل ويُصدر حكماً قضائياً ببراءته بعد سنوات عديدة. وحينما يخرج من السجن يبقى حلم الهجرة من لبنان لأي بلد آخر هو هوسه الأول والأوحد!

وبعد مشاهدة الفيلم، لا بد من الإشارة إلى عدة نقاط. في البداية نشير إلى أنّه من اللافت مشاركة عدد كبير من الممثلين بمثابة ضيوف شرف، ففي كل مشهد نرى ممثلاً أجاد دوره كأنه البطل وليس ضيف شرف، وهذا بالتأكيد إنعكس بشكل إيجابي على الفيلم ككل، أما النص الذي وضعته كلوديا مرشليان فهو من نوع "السهل الممتنع" الذي وصّف واقعنا المرير بقالب فكاهي، وكان لا بد من تقديم هذه الفكرة عبر فيلم سينمائي لتسليط الضوء على ظاهرة الهجرة في ظل رغبة معظم الشباب اللبناني في التعلّم والعمل خارج بلدهم الأم بحثاً عن الأمان والإستقرار. أما في المشهد الخاص بالإعتصام، فقد أوْصل الفيلم رسالة مفادها ضرورة التخطيط في كيفية ممارسة حرية الإعتصام والإعتراض كحق في حرية التعبير.
كما لا بد من القول بأنّ الممثل عباس شاهين يمتاز بعفوية الأداء التمثيلي ما يجعله يُلامس الواقع ليُشبِه أي مواطن كي يوصل رسالة إجتماعية كالتي يتمحور حولها فيلم "ساعة ونص".

وبعد الحملة الإعلانية التي رافقت الفيلم تحت شعار "شو معقول يصير بساعة ونص؟!" نُجيب بأنّ خلال هذه الساعة والنصف تمّ إختصار ألم المواطن اللبناني في قالب فُكاهي، ولعل ذلك يكرّس الهدف من الفن لأنّ الفن ليس وسيلة للترفيه فقط بل هو وسيلة للتعبير والتأثير والإرتقاء بالمجتمعات... !