من مزارع الألبكة إلى المختبرات.. دواء جديد للإنفلونزا!

12:45
27-03-2025
من مزارع الألبكة إلى المختبرات.. دواء جديد للإنفلونزا!

يعمل العلماء على تطوير علاج مبتكر للإنفلونزا الوبائية يعتمد على الأجسام المضادة المستخرجة من حيوانات الألبكة، في إطار مشروع رائد بقيمة 33 مليون جنيه إسترليني (حوالي 42.5 مليون دولار)، تقوده شركة «أسترازينيكا»، وفقًا لصحيفة «التليغراف».

وفي حال أثبتت هذه التقنية نجاحها، فقد تمهد الطريق لعصر جديد من العلاجات الفعالة منخفضة التكلفة لمكافحة الأمراض المعدية الخطيرة، مثل متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس) وإيبولا وغيرها.

نذكر أنّه خلال السنوات الأخيرة، تزايد استخدام الأجسام المضادة وحيدة النسيلة لعلاج الفيروسات وبعض أنواع السرطان، إلا أن فعاليتها كانت محدودة، كما أن تكلفتها المرتفعة شكلت عائقًا أمام استخدامها على نطاق واسع. لذلك، يسعى المشروع الجديد إلى تجاوز هذه المشكلات عبر الاستفادة من الأجسام المضادة VHH، المعروفة أيضًا باسم «الأجسام النانوية»، والتي تتميز بصغر حجمها وفعاليتها العالية واستقرارها الكبير.

وعلى عكس الأجسام المضادة التقليدية، يتم إنتاج الأجسام النانوية من عدد محدود من الكائنات، أبرزها الجمال واللاما وبعض أنواع أسماك القرش. وتتميز هذه الأجسام المضادة بقدرتها الفائقة على الارتباط الدقيق بمسببات الأمراض، مما يجعلها أداة واعدة في تطوير أدوية وقائية جديدة. وضمن هذا المشروع، سيتم تحصين حيوانات الألبكة بأربع سلالات من الإنفلونزا، ليتم لاحقًا استخلاص الأجسام المضادة الواقية التي تنتجها استجابة لذلك. بعد ذلك، سيعمل الباحثون على استخدامها كأساس لتطوير علاجات جديدة للإنسان. يُعتقد أن هذه هي المرة الأولى التي تُستخدم فيها أجسام الألبكة المضادة في مكافحة الفيروسات الخطيرة، ما قد يمثل اختراقًا مهمًا في هذا المجال.

كما أنّه يوقع أن تكون الأجسام المضادة VHH أقل تكلفة من نظيراتها وحيدة النسيلة، وأكثر فاعلية، حيث يمكن استخدامها بجرعات أقل. كما أن استقرارها العالي قد يتيح تخزينها في درجات حرارة عادية، دون الحاجة إلى سلاسل تبريد معقدة، مما يسهل توزيعها في المناطق ذات البنية التحتية المحدودة.

وإضافة إلى استخدامها المحتمل ضد الفيروسات، يجري النظر في توظيف هذه الأجسام المضادة لتطوير مضادات سموم لدغات الثعابين، نظرًا لقدرتها الفائقة على تحييد السموم.

وميزة أخرى بارزة لهذه الأجسام المضادة هي صغر حجمها، ما يسمح لها باستهداف أجزاء من الفيروسات لا تتمكن الأجسام المضادة التقليدية من الوصول إليها. ويأمل العلماء أن يساهم ذلك في مواجهة ظاهرة "هروب الفيروس"، حيث تتحور الفيروسات لتفادي العلاجات المناعية.

باختصار، يعد استخدام الأجسام المضادة VHH المستخرجة من الألبكة خطوة واعدة في تطوير علاجات جديدة للإنفلونزا وغيرها من الأمراض الفيروسية الخطيرة. بفضل فعاليتها العالية، واستقرارها، وتكلفتها المنخفضة، يمكن أن تمثل هذه التقنية بديلاً أكثر كفاءة للأجسام المضادة التقليدية. وإذا نجحت التجارب، فقد تفتح المجال أمام تطبيقات طبية أوسع، تشمل مكافحة الفيروسات وتحييد السموم، مما يسهم في تحسين استجابة العالم للأوبئة والأمراض المعدية.