السينما اللبنانية في 2017 تنوّع بين الإثارة، الكوميديا، الحب الممنوع والملفات الساخنة!

7:00
05-12-2017
أميرة عباس

في السنوات الأخيرة، بدأت السينما اللبنانية تشهد على إنتاجات عديدة أكثر من السنوات السابقة لكنها لم تصل بعد إلى مرحلة الصناعة السينمائية، بالطبع لأنّ هناك إختلاف شاسع بين الإنتاجات السينمائية والصناعة السينمائية. وإذا إكتفينا بمناقشة تلك الإنتاجات فلا بد من التطرق إلى الأفلام اللبنانية التي شاهدناها عبر الشاشة الكبيرة هذا العام الذي بات على مشارفه.

البداية مع أول فيلم لبناني طُرح في دور العرض هذا العام ألا وهو فيلم ورقة بيضاء الذي جمع بين الإثارة، التشويق والجرأة اللامعهودة، وهو من بطولة دارين حمزة، ألكسندرا القهوجي، غبريال يمّين، طارق تميم وبديع أبي شقرا (في مشهد واحد فقط)، وتولّى إخراجه الفرنسي هنري بارجيس. ورغم أنّ هذا الفيلم عكس واقعاً معاشاً لحياة مدمني القمار في لبنان إلا أنّ معظم المشاهدين لم يتقبلوا هذا الكم من الجرأة والإباحية فيه. لكن لا بد من الإشارة إلى أنّ الفيلم تقنياً وإخراجياً حمل جودة ومستوى عالياً جداً قلّما نراها في السينما اللبنانية.
من ثم نذكر فيلم بغمضة عين الذي جاء بإطار كوميدي وتمحور حول شاب يُدعى جاد يعمل مهندساً معمارياً وهو منهمكاً منذ عامين في مشروع ضخم على أمل أن يصبح هو مدير هذا المشروع، ويصاب جاد بالإحباط عندما يستقدم مدير الشركة قريبته نور من كندا لتتولى إدارة المشروع، ويصبح هو مجرد مساعد لها، من ثم يُغرم جاد بمديرته الجديدة، وهذا الفيلم من بطولة الفنان زياد برجي، الوجه الجديد دجى حجازي، الفنانة دانا حلبي، الكوميديان هشام حداد. ورغم أنّ هذا العمل مصنّف من نوع الأفلام التجارية إلا أنّه حقق نجاحاً لا بأس به بسبب بضع المشاهد الكوميدية التي تخلّلها ونسبة لجماهيرية زياد في لبنان.
وبعيداً عن الكوميديا، رأينا هذا العام ثلاثة أفلام لبنانية تمحورت حول قصة "الحب الممنوع". أولها، فيلم إسمعي الذي تمحور حول وقوع بطليْه في الحب رغم كل الإختلافات الطبقية والدينية بينهما ومع تزمت والد "رنا" وحرمان "جود" من رؤيتها إلا أنّ الأخير يعزم بكل قوة على رؤيتها بكل السُبل، وهو بطولة هادي بوعياش، رُبى زعرور ويارا بو نصار، تأليف وإخراج فيليب عرقتنجي. وقد ُصنّف كفيلم للكبار فقط بسبب ما إحتوى من مشاهد جريئة حيث يمثل الإغراء والإباحية عنصراً فعالاً في بنية الرواية السينمائية والتي يصفها مخرجها بأنها تشكل خطاً جديداً في عالم السينما اللبنانية، بحسب إحدى تصريحات عرقتنجي.
وثاني أفلام"الحب الممنوع" عبر الشاشة اللبنانية هذا العام نذكر فيلم "محبس" الذي فتح ملفاً حساساً جداً وهو إرتباط فتاة لبنانية بشاب سوري وسط إعتراض والدة الفتاة ضمن إطار كوميدي. وتفاصيل القصة أتت حول "تيريز" والدة الفتاة التي لا زالت غير قادرة على تخطي واقعة موت شقيقها بقنبلة سورية حتى بعد عشرين عاماً على انتهاء الحرب اﻷهلية اللبنانية، وتكون منهمكة بالتحضير لزيارة الخطيب المرتقب لإبنتها الوحيدة الذي سيأتي بصحبة عائلته لقضاء ليلة في منزلها. يصل الضيوف الذين طال انتظارهم عتبة منزلها، فتكتشف أنهم سوريون، مما يجعلها تقف بالمرصاد لهذه الخطوبة، والإطار الكوميدي لهذا العمل ساعد في تقبّل الجمهور لرؤية هذا الموضوع الحساس عبر الشاشة اللبنانية دون المساس بمشاعر أحد من المواطنين اللبنانيين والسوريين على حد سواء، وهو بطولة: جوليا قصار، بسام كوسا، علي الخليل،بيتي توتل، نادين خوري، سيرينا الشامي، جابر جوخدار، تأليف وإخراج صوفي بطرس.
أيضاً نذكر فيلم "زفافيان"الذي تمحور حول قصة حب تجمع بين شاب لبناني وفتاة لبنانية أرمنية وسط إعتراض والد الفتاة لأنه يرفض فكرة إرتباط إبنته بشاب غير أرمني، ليأتي هذا العمل بدوره كي يمس بموضوع عاطفي حساس من واقع المجتمع اللبناني. وإعتمد الفيلم على الكوميديا التي لطالما تجعل هذه المواضيع الحساسة أخف وطأة بالنسبة للمُشاهد. ونذكر أنّ فيلم "زفافيان" بطولة ايميه صيّاح التي تعلمت اللغة الأرمنية خصيصاً لهذا العمل،بيار شماسيان، ميراي بانوسيان، كارلا بطرس، سينتيا خليفة، جناح فاخوري، جهاد الأندري. وهو من كتابة شكري أنيس فاخوري وإخراج كارولين ميلان.

ويمكننا في لبنان، وصف هذا العام سينمائياً بأنّه "عام الملفات الساخنة"، فلم تقتصر الأفلام اللبنانية لسنة 2017 على الحديث عن قصص الحب الممنوع في مجتمعنا إنما أيضاً تطرق فيلم "قضية رقم 23 The Insult " على ملف ساخن أكثر حيث تدور القصة في الوقت الحاضر داخل (بيروت)، ويتعرض اللبناني (طوني) لإهانة كبيرة منشأها قضية حدود تجمعه مع اللاجئ الفلسطيني (ياسر) في قاعة المحكمة حيث تفشي القضية جروح سرية وتكشف عن صدمات عديدة. فضلًا عن الإعلام المحيط بالقضية والذي يدفعها بإصرار نحو حافة الانفجار؛ مما يضطر طوني وياسر إلى إعادة النظر في حياتهما وأحكامهما المسبقة. علماً أنّ هذا الفيلم هو من بطولة: عادل كرم، ريتا حايك، ديامان بو عبود، كامل سامح، وإخراج زياد دويري الذي تعرض لموقف أثار جدلاً واسعاً بين صفوف الجمهور في الفترة التي تزامن معها عرض الفيلم المذكور في لبنان وذلك بعدما تم حجز جواز سفره من قِبل أمن المطار بسبب زيارته السابقة لدولة فلسطين المحتلة من أجل تصوير فيلم "الصدمة". ولم يتم توقيفه كما روّج البعض حينها. ومن الجدير ذكره أنّ هذا الفيلم نال عدة جوائز في الخارج.

ووسط هذه الأعمال المحلية لا بد من تشجيع السينما اللبنانية التي تقوم بمجهود فردي من قِبل المنتجين وتتحدى كافة الظروف من أجل النهضة الفنية في مجال الفن السابع في لبنان.