في خطوة تكريمية تحمل الكثير من الرمزية، وقّع وزير الاتصالات شارل الحاج قرارًا رسميًا يقضي بوضع طابع بريدي خاص بالموسيقار الراحل زياد الرحباني في التداول، يتضمّن أربع صور توثّق محطات من مسيرته الفنّية الغنيّة. ومن المقرر أن يبدأ العمل بهذا الطابع اعتبارًا من يوم الأربعاء المقبل، ليُضاف إلى سلسلة الإصدارات التي تخلّد الرموز الثقافية والفنية في لبنان.هذا القرار لا يأتي فقط كإجراء إداري، بل كتحية وطنية لرجلٍ لم يكن عابرًا في تاريخ الفن اللبناني، بل كان أحد أعمدته الأكثر جرأة وصدقًا. زياد الرحباني، الذي غاب عن الحياة في 26 تموز/يوليو الماضي عن عمر يناهز 69 عامًا، ترك خلفه إرثًا موسيقيًا ومسرحيًا لا يُمحى، وذاكرة فنية لا تزال تنبض بالحياة في وجدان اللبنانيين والعرب.وُلد زياد عاصي الرحباني في بيروت، في الأول من كانون الثاني/يناير عام 1956، في بيتٍ موسيقيّ بامتياز. هو الابن البكر للسيدة فيروز والمؤلف الموسيقي والمسرحي الكبير عاصي الرحباني، ونشأ في بيئة كانت فيها الألحان والنصوص والمسرحيات جزءًا من الحياة اليومية، لا مجرد مهنة أو هواية.منذ بداياته، أظهر زياد نضجًا فنيًا استثنائيًا، وتمرّدًا واعيًا على القوالب التقليدية، فكتب ولحّن ومثّل، وواجه الواقع اللبناني بأسلوبه الساخر والناقد، دون أن يتنازل عن عمق الفكرة أو صدق التعبير. أعماله المسرحية مثل “بالنسبة لبكرا شو؟” و”فيلم أميركي طويل” شكّلت علامات فارقة في المسرح السياسي والاجتماعي، فيما أغانيه حملت نكهة الرحابنة مع بصمته الخاصة التي لا تُشبه أحدًا.الطابع البريدي الجديد، الذي يحمل صورًا من محطات الوسيقار زياد الرحباني ، ليس مجرد ورقة تُلصق على مغلّف، بل هو وثيقة رمزية تُرسل إلى الأجيال القادمة، تقول إن الفن الحقيقي لا يموت، وإن الموسيقار زياد الرحباني، رغم الغياب، لا يزال حاضرًا في بريد الوطن، وفي ذاكرة الناس، وفي كل نغمةٍ صادقةٍ تُعزف على خشبة المسرح أو في زوايا القلب.بهذا التكريم، تُعيد الدولة الاعتبار لفكرة أن الفن رسالة، وأن المبدعين هم سفراء لبنان الحقيقيون، أولئك الذين لا يحتاجون إلى مناصب ليكونوا رموزًا، بل يكفيهم أن يكونوا زياد الرحباني.
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية.









