إيقاعات آلة المِزْوٍدْ الشعبية التونسية تندمج في عالم الهيب هوب

12:51
12-06-2023

 يعيش الحِرَفي الخمسيني خالد بن خميس ويدير ورشة شمال العاصمة التونسية حيث تصدح أنغام آلة "المِزْوٍدْ" الموسيقية التقليدية بحيث يسعى خالد إلى تطويعها لتنسجم مع إيقاعات موسيقى "الراب" و"الجاز".

 في التفاصيل، المزود آلة نفخ تصنع من جلد الماعز وتخاط بالكامل على شاكلة قربة مغلقة تحتوي على ثقبين من الأعلى لنفخ الهواء بالفم عبر قصبتين، وتخرج من أسفلها قصبتان أخريان بخمسة ثقوب، وقرنان يشكلان المزمار الذي تُعزف منه النغمات. ويصوغ "المزاودي" (عازف الآلة) ما يريد من الألحان بأصابعه المتنقلة بين الثقوب بينما يضغط بذراعيه على الكيس المليء بالهواء وينفخ بفمه في الآلة.
ويقول خالد بن خميس، وهو حرفي أمضى ثلاثين عاما في هذه الصناعة، أنه يجب أن تكون كل مكونات الآلة وأجزائها من قرون البقر والجلد الطبيعي لكي تكون هناك روح وتخرج النغمة حنينة وأصيلة.
ويشير إلى تشابه هذه الآلة إلى حد بعيد مع المزود (القربة) الاسكتلندي مع بعض الفوارق في الحجم وعدد المزامير، لكنه يشدد أن المزود تغيّر كثيرا مقارنة بما كان عليه.
وقد ظهرت هذه الآلة في تونس مطلع القرن العشرين، وترتبط بأغنيات عادة ما تثير جوّا ورقصا شعبيا، وتتغنى كلماتها بمواضيع جريئة ارتبطت بالأوضاع الاجتماعية والسياسية والهجرة والعنصرية في البلد، وهي من "المحرّمات" ولا تروق للسلطة ولا لغالبية العائلات التونسية المحافظة وخصوصا أن استهلاك الخمر يكثر خلال الحفلة. وتبعا لذلك حظرتها السلطة في الحفلات التي تستضيفها القنوات الاعلاميةالرسمية إلى حدود التسعينيات.
ويُعزف على المزود غالبا في حفلات أعراس داخل الأحياء الشعبية الفقيرة والمهمشة، وتستعمل هذه الآلة في أغنيات تحتوي أحيانا على كلمات تُعتبر غير لائقة داخل الأسر.
لكنّ فنانين شعبيين على غرار الهادي حبوبة ونور الدين الكحلاوي سعوا إلى محاولة تغيير "الصورة السيئة" التي التصقت بهذه الموسيقى ونجحوا في جعلها مقبولة أكثر لدى عامة التونسيين ولدى السلطة.
مثّل تنظيم حفلة "النوبة"، وهي عمل فني فيه مزج بين موسيقى تراثية وشعبية وصوفية، مطلع التسعينيات علامة فارقة في تاريخ هذه الموسيقى، حيث ظهر "المزود" للتونسيين في مهرجانات رسمية كانت بمثابة التمهيد للاعتراف بهذا الفن.
وتم بث الحفل الذي أقيم في "مسرح قرطاج الروماني" في 1991 في التلفزيون الرسمي.
واستمرّ مسار تطوير هذه الآلة إلى حد قبولها في حفلات الأعراس والمهرجانات الفنية وتجاوزه أيضا.
وظهر خلال السنوات الأخيرة جيل جديد من الموسيقيين الشبان الذي جهدوا في تطويع النغمات الحادّ للآلة لتظهر في شكل جديد وترافق ايقاعات عصرية مثل "الراب" و"الجاز" وتواكب تطور العصر الرقمي.

المصدر: info3

https://info3.com/?news=112905&text=long&lang=5