اكتشاف ميناء فينيقي قديم في مدينة صور!
تم اكتشاف ميناء فينيقي قديم ضمن رحلة استكشافية في مدينة صور في لبنان، هذه المدينة التي لطالما كانت ولا زالت مقصداً للسيّاح من مختلف أنحاء العالم. فمدينة صور تعرف بتاريخها العريق وبنائها المميّز على وجه الخصوص ببناء الموانئ. كشفت الأنقاض القديمة عن ميناء فينيقي لم يكن معروفًا من قبل، مثيرًا دهشة العالم بأسره. تلك المدينة الساحرة التي تُعرف بتاريخها العريق وثقافتها الغنية، استطاعت أن تبهر الباحثين بمزيجها الفريد بين الحاضر والماضي، مما جعلها وجهة مفضلة للسياح من جميع أنحاء العالم.
وفي التفاصيل، شارك جان فيليب غوران، باحث في مركز البحوث العلمية الوطني الفرنسي (CNRS) آخر التطورات الأثرية في مدينة صور (لبنان) إثر اكتشاف آثار تعود لميناء فينيقي قديم، ويعدّ جان فيليب غوران من أهم خبراء علم الآثار الجغرافي في العالم، إذ تخصص في علم الآثار الذي توظف به مناهج الجيولوجيا، للإجابة على أسئلة آثرية. ينصب التركيز في علم آثار الأرض على إعادة بناء مشهد الطبيعية التاريخية وما قبل التاريخية، من خلال دراسة الترسبات ودراسة جغرافية التربة وتحليل المواد الخام. وتوجد روابط تخصصية بشكل خاص مع الجغرافيا والجيولوجيا.
ومن خلال هذه الرحلة لاكتشاف الآثار الذي تسعى الفرق البريطانيّة والفرنسيّة توثيقه والتي شاركت الفرق العلمية الفرنسية واللبنانية في توسيع رقعة التنقيب تحت الماء، تبيّن أن المناظر الساحلية قد تطورت مع مرور الوقت تحت تأثير العوامل الطبيعية والأنشطة البشرية. فقد اكتشف العلماء بفضل تقنيات عديدة مثل استخراج الرواسب وتحديد الكاربون المشع، هيكل مينائي غارق يبلغ طوله 180 مترًا، مما يؤكد وجود ميناء فينيقي مفقود.
في هذا الإطار، يعود فقدان الميناء أو بالأحرى اندثاره تحت الماء بسبب التدخلات البشرية التي طالته، كالسد الذي بناه الإسكندر الأكبر عام 332 قبل الميلاد، وغيّر هذا السدّ المناظر الساحلية عن طريق ربط جزيرة صور بالبر الرئيسي. وفي رحلة اكتشاف الآثار، تكشف الحفريات عن وجود ميناءين قديمين، أحدهما شمالًا والآخر جنوبًا، لكن فقط هيكل الميناء الشمالي معترف به تحت ميناء صور الحديث. تشير الأبحاث إلى أن الميناء الجنوبي تم التخلي عنه بسبب تراكم الرمال إثر بناء السد الإسكندري. وطول الميناء الفينيقي الذي تمّ اكتشافه يبلغ 180 مترًا، مغمورًا بثلاثة أمتار من المياه، ومكونًا من كتل فينيقية الطراز.
أمّا في المنطقة الشمالية الشرقية، وضمن رحلة اكتشاف الآثار، كشفت الحفريات عن تسلسل طيني للميناء يعود تاريخه إلى عصر الفينيقيين. بالتالي، يؤكد تواجد الميناء الفينيقي المفقود من خلال جمع هذين العنصرين (الهيكل والحوض).
يقدم اكتشاف ميناء فينيقي قديم في صور نافذة جديدة على حضارة الفينيقيين وأهمية التجارة البحرية في تاريخ المنطقة. فمدينة صور (لبنان) هي واحدة من أقدم المدن في العالم، ويعود تاريخها إلى أكثر من 4000 سنة، وكانت واحدة من أهم المدن الفينقية، التي ادعى مواطنوها أنها تأسست من قبل الإله العظيم ملقرت.
مع الإشارة إلى أنَّ مدينة صور في لبنان كانت ميناء فينيقياً قديماً ومركزاً صناعياً، ويُعرف في الأسطورة، باسم مسقط رأس أوروبا (الذي أعطى أوروبا اسمها). تتكون مدينة صور / لبنان من جزأين، الأول مركز التجاري الرئيسي على الجزيرة والثاني "صور القديمة". تأسست المدينة القديمة، المعروفة باسم أوشو (اسم سابق لملقرت)، حوالي عام 2750 قبل الميلاد، ونشأ المركز التجاري بعد فترة وجيزة. بمرور الوقت أصبح مجمع الجزيرة أكثر ازدهاراً واكتظاظاً بالسكان من أوشو وقد حُصّن بشدة.
يُعتبر اكتشاف ميناء فينيقي قديم في صور فرصة لنا لفهم أعمق لحضارات القدم وتأثيرها على تطور المنطقة عبر العصور. فقد لعب الفينيقيون، الشعب السامي في العصور القديمة، دورًا حاسمًا في التنمية البحرية والتجارية في البحر الأبيض المتوسط. ومدينة صور (لبنان)، هي إحدى مدنهم الرئيسية، بفضل موقعها الاستراتيجي والموارد الطبيعية مثل الصبغة البنفسجية وخشب الأرز إلى جانب بناء الموانئ كالميناء الفينيقي القديم. تجدر الإشارة أنه تم تدمير مدينة صور(لبنان) على يد الإسكندر الأكبر في عام 332 قبل الميلاد وكانت لاحقًا تحت سيطرة الرومان حتى القرن الأول قبل الميلاد. اليوم، مدينة صور (لبنان)، تعتمد اقتصاديّاً على الصيد وتجارة الفخار، ومن جهة أخرى تتأثر بالصراعات الإقليمية والسياسية في لبنان.
ختاماً، باكتشاف هيكل الميناء الفينيقي القديم في مدينة صور (لبنان)، نشهد توسعًا في فهمنا للتاريخ البحري والثقافي لهذه المنطقة الحضارية القديمة. بالإضافة إلى ذلك تعكس هذه الاكتشافات الأثرية أهمية الجهود المشتركة في البحث والاستكشافالذي يفتح بدوره نافذة على ماضٍ قديم غني بالثقافة والتاريخ، مما يثري فهمنا لتطور المدن والحضارات عبر العصور.
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية