مسكنات الألم والحمل: مخاطر خفية تهدد نمو دماغ الجنين

9:01
01-03-2025
مسكنات الألم والحمل: مخاطر خفية تهدد نمو دماغ الجنين

يعتبر استخدام مسكنات الألم خلال الحمل مسألة حساسة، إذ أن القليل منها يعتبر آمناً. ومن بين هذه المسكنات، يُعد الأسيتامينوفين، المعروف أيضاً بالباراسيتامول، الخيار الأكثر استخداماً، نظراً لاعتباره آمناً نسبياً. إلا أن الجدل حول تأثيراته الصحية بدأ يتصاعد مؤخراً، وفقاً لما أورده موقع «ساينس أليرت».

 

تشير أبحاث حديثة إلى أن تناول الأسيتامينوفين أثناء الحمل قد يكون مرتبطاً بزيادة خطر إصابة الأطفال باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD). ففي دراسة أجراها باحثون في الولايات المتحدة، تمت متابعة مستويات الأسيتامينوفين في مجرى الدم لدى 307 نساء حوامل. وخلصت النتائج إلى أن الأطفال الذين تعرضوا للعقار داخل الرحم كانوا أكثر عرضة للإصابة باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط بمعدل يزيد على ثلاثة أضعاف مقارنة بغيرهم.

 

أما بالنسبة للفتيات، فقد أظهرت الدراسة أن الخطر كان أكبر، حيث زاد احتمال إصابتهن بالاضطراب بأكثر من ستة أضعاف خلال السنوات العشر الأولى من العمر. هذه النتائج تثير القلق، لكنها لا تُعد حاسمة بعد، ما يعني أنه لا ينبغي أن تسبب الذعر لدى النساء الحوامل اللواتي يعتمدن على الأسيتامينوفين لتخفيف الألم أو السيطرة على الحمى.

 

ومن المعروف أن ترك الألم والحمى دون علاج قد يشكل خطراً على صحة الجنين، مما يجعل من الضروري الموازنة بين فوائد تناول الأسيتامينوفين والمخاطر المحتملة المرتبطة باستخدامه. ومع ذلك، فإن تأثيراته طويلة الأمد لم تُدرس بشكل كافٍ مقارنة بفوائده المعروفة، مما يثير تساؤلات حول ضرورة إعادة تقييمه.

 

في هذا السياق، أوضحت الدكتورة شيلا ساثياناريانا، من جامعة ويسكونسن، أن الأسيتامينوفين تمت الموافقة عليه منذ عقود، إلا أنه لم يخضع لدراسات دقيقة فيما يتعلق بتأثيراته العصبية على الأجنة. لذا، قد يكون الوقت مناسباً لإعادة تقييمه من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية.

 

تُعد التشريعات وتنظيم الأدوية أثناء الحمل من الجوانب الأساسية لضمان صحة الأمهات والأجنة على حد سواء. مع ظهور نتائج بحثية جديدة تشير إلى مخاطر محتملة لاستخدام بعض الأدوية، مثل الأسيتامينوفين، يصبح من الضروري إعادة تقييم السياسات الصحية الخاصة بالأدوية المسموح بها أثناء الحمل. يجب أن تُأخذ هذه النتائج بعين الاعتبار عند وضع التشريعات الجديدة التي تهدف إلى حماية الأجنة من التأثيرات السلبية للأدوية. على السلطات الصحية، مثل إدارة الغذاء والدواء، أن تقوم بمراجعة شاملة للبيانات العلمية المتعلقة بتأثيرات الأدوية على نمو الجنين وتحديد ما إذا كانت هناك حاجة إلى تعديل الإرشادات الحالية. قد تشمل هذه المراجعات توجيه الأطباء والمرضى لاستخدام الأدوية فقط عند الضرورة القصوى، مع التأكد من توافر بدائل آمنة في الحالات التي تستدعي العلاج.

 

من جانبه، أكد الباحث برينان بيكر، المؤلف الرئيسي للدراسة من معهد سياتل لأبحاث الأطفال، ضرورة مراجعة سلامة استخدام الأسيتامينوفين أثناء الحمل، داعياً إلى مزيد من الدراسات لفهم تأثيره بشكل أكثر دقة. في النهاية، يبقى القرار بشأن استخدامه بيد الأطباء والنساء الحوامل أنفسهن، مع ضرورة مراعاة التوصيات الطبية لضمان صحة الأمهات والأجنة على حد سواء.