رائحة الأم تعزز بشكل كبير قدرة حديثي الولادة على التعرف على الوجوه

15:12
24-07-2024
رائحة الأم تعزز بشكل كبير قدرة حديثي الولادة على التعرف على الوجوه

من المتعارف عليه أن الحواس الخمس هم من أهم الطرق التي يدرك بها الأطفال في بداية حياتهم، وعلى وجه الخصوص في عامهم الأول، أي مفردات البيئة المحيطة بهم، وبشكل خاص اللمس والشم والتذوق. وبالتالي، هذا ما يفسر لماذا يقوم الطفل بوضع أي شيء تلمسه يده في فمه، للتعرف على طبيعته؛ وذلك لأن الجهاز العصبي للطفل لا يكون ناضجاً بشكل كاف يمكّنه من الحكم على الأشياء، من خلال حاسة واحدة مثل النظر فقط، بل يحتاج إلى تداخل عدة حواس مع بعضها البعض ودمجها للتوصل إلى معلومة معينة.

في هذا الإطار، حاول الباحثون معرفة الآلية التي يتعرف بها الطفل على العالم المحيط به في فترة مبكرة جداً من حياته وذلك من خلال أحدث دراسة تناولت تطور الإدراك لدى الأطفال، وقد نُشرت في منتصف شهر تموز من العام الحالي، في دورية نمو الطفل «Child Development». كما شارك، في هذه الدراسة، نخبة من العلماء الأوربيين من عدة جامعات.

في تفاصيل الدراسة، أجرى الباحثون التجربة على 50 من الرضع في الشهر الرابع من العمر، وقد عرضوا عليهم صور للوجوه والأشياء. وأثناء ذلك قام الباحثون بوضع قميص يحتوي على رائحة الأم، وقميص آخر دون رائحة الأم بالقرب من أنوفهم. ثم راقبوا النشاط الكهربائي في المخ باستخدام جهاز رسم المخ «EEG»، وتابعوا أيضاً مدى حِدّة الإبصار عند كل طفل وقدرته على تتبع الأشياء.

وبالتالي، أظهرت النتائج أن وجود رائحة الأم عزَّز بشكل كبير قدرة الأطفال على التعرف على الوجوه، وخصوصاً بالنسبة للأطفال الصغار (الذين تبلغ أعمارهم 4 أشهر). وتُعد هذه النتيجة في غاية الأهمية؛ لأنها توضح أن الأطفال، وبشكل خاص حديثو الولادة، يعتمدون بشكل كبير على الشم بوصفها حاسة أساسية لتساعدهم في فهم العالم البصري المعقَّد حولهم، سواء الوجوه أم الأشياء المختلفة التي تحيطهم طول الوقت ولا يجدون لها تفسيراً.

بالإضافة إلى ذلك، أوضحت الدراسة أيضاً أهمية الرابطة الخاصة بين الأمهات وأطفالهن الرضع، حيث تُعد رائحة الأم بمثابة إشارة مريحة ومألوفة تُشعر الطفل بالطمأنينة، وتُمهد المخ لعملية دمج الحواس المختلفة للوصول إلى فهم بيئته. في هذا السياق، قال الباحثون إن هذه الدراسة ركزت بشكل أساسي على رائحة الأم، ولكن في المستقبل يمكن دراسة تأثير بقية الروائح الأخرى على إدراك الرضيع، ومعرفة الآلية التي تشكل بها هذه التجارب متعددة الحواس التنمية المعرفية للطفل.

في النهاية، توضح هذه الدراسة أهمية الحواس المتعددة في تطور الإدراك لدى الأطفال في مراحلهم المبكرة، حيث يعتمدون بشكل كبير على دمج حواسهم لفهم العالم من حولهم. رائحة الأم تبرز كمفتاح لهذا التكامل، مما يساعد في بناء فهمهم للبيئة والأشياء بطرق متعددة، وهو ما يبرز أهمية تعزيز هذا التفاعل المعرفي المتكامل في التعليم ورعاية الأطفال في مراحل نموهم الأولى.