ثورة في عالم الطب ... مسكّن للألم المزمن دون آثار إدمانية!

قام فريق دولي من الباحثين بتطوير مسكّن جديد للألم يتميز بعدم التسبب في الإدمان، حيث يبقى خاملاً حتى يصل إلى مواقع الألم المزمن. وبدلاً من تهدئة الأعصاب التي ترسل إشارات الألم كالمسكنات التقليدية، يستهدف الدواء السبب الأساسي للألم مباشرة. ويعمل الفريق حالياً على اختبار هذا المركب في التجارب البشرية، وفقاً لما نقل موقع New Atlas عن دراسة نُشرت في دورية Nature Biotechnology.
ويمتاز هذا الدواء المبتكر بقدرته على البقاء غير نشط في الجسم إلى أن يواجه ظرفاً بيولوجياً محدداً يقوم بتنشيطه. هذه الخاصية تسمح له بالعمل مباشرة في المواقع المصابة فقط، وهو ما يُعد ميزة هامة في أدوية تسكين الألم، لضمان تأثير موضعي فعال.
من جانبه، صرّح البروفيسور أندرو أبيل، من قسم الكيمياء ومركز البحوث الزراعية في جامعة أديليد وأحد المشاركين في الدراسة، بأن الفريق نجح في تطوير عقار أولي (prodrug) يتحول داخل الجسم إلى دواء نشط دوائياً، مشيراً إلى أن التجارب قبل السريرية أثبتت قدرته على تخفيف الألم المزمن. كما أضاف أبيل أن هذه هي المرة الأولى في العالم التي يُستخدم فيها تفاعل كيميائي بالمعنى البيولوجي، ما يفتح المجال لتطبيقه في مجالات أخرى. يُفعّل هذا الدواء الجديد عند تفاعله مع أنواع الأكسجين التفاعلية (ROS) مثل بيروكسيد الهيدروجين والبيروكسينيتريت، والتي تتواجد بتركيزات أعلى في مواقع الألم المستمر مقارنة ببقية الجسم. وبفضل هذه الآلية، يبقى الدواء خاملاً أثناء دورانه في الجسم، حتى يصل إلى مواقع الألم ويبدأ تأثيره.
نذكر أنّ الآلام المزمنة هي حالة مستمرة أو متكررة من الألم تستمر لفترة طويلة، عادةً أكثر من ثلاثة إلى ستة أشهر، حتى بعد شفاء الجسم من الإصابة أو المرض الأساسي. قد تنجم عن إصابات سابقة أو أمراض مزمنة مثل التهاب المفاصل والألم العضلي الليفي، أو نتيجة تلف الأعصاب كما في مرض السكري. في بعض الحالات، يبقى السبب غير معروف. تؤثر هذه الآلام بشكل كبير على حياة المريض، مسببة تقييد الحركة وضعف العضلات، فضلاً عن تأثيرها النفسي والاجتماعي من خلال زيادة مخاطر الاكتئاب واضطرابات النوم وتراجع جودة الحياة. تعتمد العلاجات التقليدية على المسكنات والعلاج الطبيعي أو النفسي، إلا أن فعاليتها محدودة، وتثير الأدوية الأفيونية مخاوف الإدمان. لذلك، تبرز الحاجة إلى حلول مبتكرة، مثل الأدوية الجديدة التي تستهدف مواقع الألم مباشرة وتعالج السبب الأساسي بدلاً من مجرد تخفيف الأعراض. وهنا يأتي دور الدواء المبتكر الذي طوّره فريق الباحثين.
وقد أوضح البروفيسور المساعد بيتر غريس، من مركز إم دي أندرسون للسرطان بجامعة تكساس وأحد المشاركين في البحث، أن معظم الأدوية الحالية لعلاج الألم المزمن تكون فعالة فقط لدى واحد من كل ستة مرضى، إذ تقتصر وظيفتها على تقليل نشاط الأعصاب التي ترسل إشارات الألم. بالمقابل، يعالج الدواء الجديد المشكلة الأساسية بتقليل الجزيئات المسؤولة عن إرسال إشارات الألم، مما يُقدم مقاربة جديدة لعلاج هذا النوع من الألم.
من جانبه، أشار ديون تورنر، وهو أحد الباحثين المشاركين، إلى أن المركب الجديد لم يُظهر أي تحفيز للتحمل، وهو العامل الذي يحد من استخدام مسكنات الألم القوية مثل المورفين. وأضاف أن الألم المزمن يمثل حاجة طبية ملحة لم تُلبى حتى الآن، وأن تطوير علاجات غير مسببة للإدمان قد يحدث ثورة في هذا المجال الذي تهيمن عليه المواد الأفيونية المسببة للإدمان.
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية