تقنية جديدة تربط الدماغ بالكمبيوتر تُعيد الأمل لمرضى الشلل

14:16
24-01-2025
تقنية جديدة تربط الدماغ بالكمبيوتر تُعيد الأمل لمرضى الشلل

في خطوة غير مسبوقة في عالم الطب والتكنولوجيا، تمكن علماء الأعصاب في جامعتي ستانفورد وبراون من تطوير تقنية مبتكرة يمكنها أنّ تغير حياة ملايين الأشخاص المصابين بالشلل. وهذه التقنية تعتمد على ربط الدماغ بجهاز كمبيوتر عبر واجهة عصبية متقدمة، مما يسمح للأشخاص المصابين بالشلل باستخدام أفكارهم فقط للتحكم في الأجهزة الإلكترونية، مثل الطائرات المسيّرة، وهذا بفضل أقطاب كهربائية دقيقة تُزرع في الدماغ.

قد أجرى الباحثون تجربة على رجل يبلغ من العمر 69 عامًا يعاني من الشلل الرباعي، حيث قاموا بزرع أقطاب كهربائية دقيقة في دماغه وربطها بنظام حاسوبي متطور. والنتيجة كانت مذهلة؛ باستخدام إشارات دماغية فقط، استطاع هذا الرجل قيادة طائرة بدون طيار افتراضية عبر مسار شبيه بألعاب الفيديو. هذه التجربة لم تكن مجرد إثبات علمي لفرضية نظرية، بل كانت خطوة جادة نحو تمكين الأشخاص المصابين بالشلل من استعادة بعض من قدرتهم على التحكم في حركاتهم.

وتستند هذه التقنية إلى الذكاء الاصطناعي AI الذي يفهم الإشارات العصبية المتعلقة بحركات الأصابع. باستخدام هذه الإشارات، يمكن للنظام أن يحرك "يدًا افتراضية"، الأمر الذي يفتح أبوابًا جديدة لعلاج الشلل، ليس فقط في استعادة الحركة البسيطة، بل في إمكانية القيام بأنشطة دقيقة ومعقدة مثل العزف على الآلات الموسيقية أو الرسم والتصميم. هذه الأنشطة، التي كانت مستحيلة للأشخاص المصابين بالشلل سابقًا، قد تصبح حقيقة واقعة بفضل هذه التكنولوجيا.

وعلى الرغم من أن هذه التجربة لا تزال في مراحلها الأولى، فإنها تشير إلى إمكانيات غير محدودة للمستقبل. وفقًا لماثيو ويلسي، قائد الدراسة، فإن هذا الإنجاز يمثل نقلة نوعية في مجال علاج الشلل، مما يمكن المصابين بالشلل من القيام بأنشطة كانت مستحيلة في السابق.

التقدم الكبير في تطوير واجهات الدماغ والكمبيوتر قد يؤثر بشكل عميق على حياة الملايين حول العالم، ليس فقط في مجالات العلاج الطبي، ولكن أيضًا في التعليم والفنون والصناعات المختلفة. يمكن لهذه التكنولوجيا أن تساهم في تفعيل قدرات الأفراد ذوي الإعاقة وتغيير كيفية تعامل العالم مع الحواجز الجسدية. ربما ما كان يبدو خيالًا علميًا أصبح الآن خطوة صغيرة نحو واقع جديد.

في الختام، يمثل هذا التطور الرائد في واجهات الدماغ والكمبيوتر بارقة أمل للمصابين بالشلل وللإنسانية بشكل عام. إذ يُظهر كيف يمكن للتكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي أن يتكاملا لتحقيق إنجازات تُحدث تغييرات جذرية في حياة الأفراد، خصوصًا أولئك الذين يعانون من إعاقات جسدية تحد من استقلاليتهم.

إن هذا الإنجاز ليس مجرد خطوة نحو تحسين نوعية الحياة للمصابين بالشلل، بل هو حجر الأساس لابتكارات مستقبلية قد تمتد لتشمل قطاعات متعددة، من التعليم إلى الفنون وحتى الإنتاج الصناعي. ومع استمرار البحث والتطوير، يمكن أن تتحول هذه التقنية إلى وسيلة فعّالة لتمكين الأفراد ومساعدتهم على تجاوز قيودهم الجسدية، ما يفتح أبوابًا نحو عالم أكثر شمولية وإنسانية.

لقد كان الخيال العلمي يومًا ما مليئًا بمثل هذه الابتكارات، لكننا الآن نشهد تحول هذا الخيال إلى واقع ملموس، يبشر بمستقبل مليء بالفرص والاحتمالات التي لم تكن متاحة من قبل.