تأمّل الطبيعة: مفتاح جديد لتخفيف الألم الجسدي

10:03
15-03-2025
تأمّل الطبيعة: مفتاح جديد لتخفيف الألم الجسدي

أظهرت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة إكستر وجامعة فيينا أن التعرض لمشاهد الطبيعة، سواء عبر الأفلام الوثائقية أو الحياة البرية المباشرة، قد يساهم في تخفيف الشعور بالألم. ووفقًا لصحيفة إندبندنت، فقد كشفت نتائج الدراسة أن الدماغ يعالج الألم بشكل مختلف عند مشاهدة المناظر الطبيعية مقارنةً بمشاهدة البيئات الحضرية أو المكتبية.

في تفاصيل الدراسة، قام الباحثون بمراقبة 49 مشاركًا عبر فحوصات الدماغ أثناء تعرضهم لصدمات كهربائية طفيفة، وذلك خلال مشاهدتهم لمقاطع فيديو تعرض مناظر طبيعية وأخرى من بيئات المدن والمكاتب. ووجدت الدراسة أن الأشخاص الذين شاهدوا مشاهد طبيعية أبلغوا عن شعور أقل بالألم مقارنةً بالذين تعرضوا لمشاهد حضرية. وأظهرت فحوصات الدماغ أن التأثيرات المهدئة للطبيعة كانت أقل فاعلية بنحو النصف مقارنةً بمسكنات الألم التقليدية، لكنها لا تزال توفر وسيلة طبيعية مساعدة لتخفيف الانزعاج الجسدي.

في هذا الإطار، قال ماكس شتاينجر، طالب الدكتوراه في جامعة فيينا والمؤلف الرئيسي للدراسة: "لطالما أظهرت الأبحاث أن الطبيعة تساعد في تقليل الشعور بالألم، لكن حتى الآن لم يكن واضحًا السبب الفعلي وراء ذلك." وأضاف: "دراستنا هي الأولى التي تقدم أدلة عصبية مباشرة من خلال مسح الدماغ، حيث أظهرت أن هذا التأثير لا يعتمد فقط على التوقعات أو القناعات الشخصية، بل إن الدماغ فعليًا يتفاعل بشكل أقل مع الإشارات المرتبطة بالألم عند مشاهدة مشاهد الطبيعة." كما أكد شتاينجر أن النتائج تدعم فكرة أن التأثير المهدئ للطبيعة على الألم حقيقي وليس مجرد تأثير نفسي أو وهمي. ومع ذلك، شدد على أن هذا لا يعني أن الطبيعة يمكن أن تحل محل الأدوية، لكنه يأمل أن تستخدم هذه الاستراتيجية مستقبلاً كأداة مساعدة في إدارة الألم.

كما يعتقد الباحثون أن نتائج هذه الدراسة يمكن أن تفتح الباب أمام بدائل طبيعية في مجال تخفيف الألم، خاصة للأشخاص الذين يعانون من آلام مزمنة. وأشار المشاركون إلى أنهم شعروا بارتياح أكبر عند مشاهدة المناظر الطبيعية، سواء بشكل مباشر أو عبر الشاشات، مما يعزز إمكانية دمج هذه الأساليب في البيئات العلاجية والمستشفيات.

وفي ظل هذه النتائج، يقترح الباحثون أن مشاهدة مقاطع الطبيعة أو التواجد في المساحات الخضراء قد تكون إستراتيجية فعالة لتخفيف الألم، إلى جانب العلاجات التقليدية، مما يسهم في تحسين جودة حياة المرضى.

تُبرز هذه الدراسة أهمية البيئة الطبيعية في تحسين جودة الحياة وتقديم وسائل بديلة لتخفيف الألم، إلى جانب العلاجات التقليدية. فمن خلال إثبات التأثير الفعلي لمشاهد الطبيعة على نشاط الدماغ، تؤكد النتائج إمكانية الاستفادة من المساحات الخضراء أو حتى المشاهد المسجلة كأداة دعم في إدارة الألم. ومع تزايد الاهتمام بالأساليب الطبيعية في الرعاية الصحية، قد تفتح هذه الأبحاث الباب أمام تطوير برامج علاجية تعتمد على التفاعل مع الطبيعة، مما يعزز الرفاهية الجسدية والنفسية للمرضى ويسهم في تحسين استراتيجيات إدارة الألم في المستقبل.