كشفت دراسة علمية حديثة عن مفاجأة قد تغيّر الطريقة التي يُعالج بها مرض السكري من النوع الثاني، إذ تبيّن أن الدواء الشائع «الميتفورمين»، الذي يُعتبر حجر الأساس في علاج المرض منذ أكثر من نصف قرن، قد يُضعف الفوائد الصحية للتمارين الرياضية عند المرضى، وفق ما نقلته صحيفة «الإندبندنت» البريطانية.
ويُعاني أكثر من 450 مليون شخص حول العالم من داء السكري من النوع الثاني، وهو رقم يتزايد باستمرار نتيجة أنماط الحياة غير الصحية وقلة النشاط البدني. وغالباً ما يعتمد العلاج على مزيج من الأدوية والتغييرات في النظام الغذائي وممارسة الرياضة المنتظمة. ولعقود طويلة، كان الأطباء يوصون باستخدام دواء «الميتفورمين» إلى جانب التمارين اليومية، باعتبار أن الجمع بين العلاجين يمنح نتائج مثالية في السيطرة على مستوى السكر في الدم وتحسين صحة القلب والأوعية الدموية.
يعمل «الميتفورمين» على خفض مستويات الغلوكوز في الدم عن طريق تقليل إنتاجه في الكبد ومساعدة الخلايا على استخدام الإنسولين بكفاءة أكبر، وهو ما جعله من أكثر الأدوية انتشاراً في العالم. غير أن الدراسة الجديدة، التي قادها البروفيسور ستيفن مالين، أستاذ علم الحركة في جامعة روتجرز الأميركية، تشير إلى أن هذا الدواء قد لا يكون متكاملاً مع التمارين الرياضية كما كان يُعتقد.
وأوضح مالين أن «معظم مقدمي الرعاية الصحية يفترضون أن الجمع بين الميتفورمين والتمارين يعطي نتائج مضاعفة، لكن الأبحاث الحديثة تُظهر أن الدواء قد يحد من التأثيرات الإيجابية للنشاط البدني». وأضاف أن هذه النتائج تثير تساؤلات جوهرية حول كيفية دمج العلاج الدوائي مع التمارين لتحقيق أقصى فائدة صحية.
الدراسة، التي شملت 72 شخصاً بالغاً معرضين للإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي – وهي مجموعة من الحالات التي تزيد خطر الإصابة بالسكري وأمراض القلب – قسّمت المشاركين إلى أربع مجموعات: مجموعة مارست تمارين عالية الكثافة مع تناول دواء وهمي، وأخرى مارست التمارين نفسها مع الميتفورمين، وثالثة قامت بتمارين منخفضة الكثافة مع دواء وهمي، ورابعة بتمارين منخفضة الكثافة مع الميتفورمين. واستمر البرنامج لمدة أربعة أشهر، جرى خلالها تقييم التغيرات في وظيفة الأوعية الدموية واستجابتها للأنسولين.
وأظهرت النتائج أن التمارين الرياضية تحسّن بشكل واضح من استجابة الأوعية الدموية للأنسولين، مما يساعد على تدفق الدم والأوكسجين والمغذيات إلى العضلات بعد الوجبات. لكن عند الجمع بين التمارين وتناول «الميتفورمين»، تضاءلت هذه التحسينات بشكل ملحوظ. كما لاحظ الباحثون أن الدواء قلّل من تأثيرات التمارين الهوائية في تحسين اللياقة القلبية والقدرة على التحمل، إضافة إلى تقليل تأثيرها الإيجابي في خفض الالتهابات ومستوى السكر في الدم أثناء الصيام.
ويرجّح الفريق البحثي أن السبب يكمن في آلية عمل الميتفورمين نفسها، التي تحدّ من إنتاج الطاقة في الخلايا بشكل قد يؤثر على قدرة الجسم على التكيّف الكامل مع الجهد البدني. وعلّق مالين قائلاً إن «التمارين الرياضية، سواء كانت خفيفة أو قوية، عادة ما تحسّن وظائف الأوعية الدموية، إلا أن الميتفورمين ألغى هذه الفائدة تقريباً».
وأشار الباحث إلى أن المشاركين الذين تناولوا الميتفورمين لم يُظهروا تحسناً في لياقتهم البدنية العامة، ما قد ينعكس سلباً على صحتهم في المدى الطويل. ودعا في ختام الدراسة إلى إجراء أبحاث إضافية لاكتشاف طرق علاجية جديدة أو برامج تدريبية مخصصة تُمكّن من الحفاظ على الفوائد المشتركة لكل من التمارين الرياضية والميتفورمين، دون أن يُعيق أحدهما الآخر، سعياً للوصول إلى توازن علاجي فعّال يحافظ على صحة مرضى السكري وجودة حياتهم.
المصدر: info3
https://info3.com/fitness/253040/text/full/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%AA%D9%81%D9%88%D8%B1%D9%85%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D8%A6%D8%B9-%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%B6%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A-%D9%8A%D8%B6%D8%B9%D9%81-%D9%81%D9%88%D8%A7%D8%A6%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D8%B6%D9%8A%D8%A9
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية.









