2020 سنة لا تشبه أي عام مضى عليْنا نحن مَن نقرأ الآن هذه السطور، وهذا ما إستتبعه مزاج مُرهَق ومُتقلِّب للجمهور العريض الذي تابع ما إستطاع أن يبصر النور من مسلسلات في الموسم الرمضاني للعام الجاري، هذا المزاج أثّر بالطبع على الذوق الفني العام في البلاد، ولأنّ “مصائب قوم عند قوم فوائد”، أتى مسلسل “بِميت وش” كي يُحسِّن مزاجنا بكوميديا لا تشبه نوع الكوميديا المعتمدة في أعمال أخرى لاقت إنتقاداً واسعاً بِمقابل جماهيرية كبيرة حقّقها “بِميت وش”، وهو من بطولة نيّلي كريم وآسر ياسين، إلى جانبهما عدد من الممثلين أمثال: إسلام إبراهيم، علا رشدي، دنيا ماهر، حنان يوسف، سلوى محمد علي، من تأليف عمرو الدالي وأحمد وائل، إخراج كاملة أبو ذكري وإنتاج شركة العدل جروب.
قرّرت الممثلة نيّلي كريم الإبتعاد هذا الموسم عن الأعمال التراجيدية بحسب ما أدلت في عدّة تصريحات صحفية، كما إبتعد الممثل آسر ياسين عن الأدوار الدرامية التي إعتاد تقديمها، فشكّلا ثنائياً كوميدياً غير متوقّعاً بنص مُتقن وإدارة إخراجية محترفة، وهذا ما ذكّرنا بالإستراتيجية التي إعتمدها المخرج المصري الراحل فطين عبد الوهاب حينما نفّذ فيلم “إشاعة حب” حيث كانت البطولة من نصيب أسطورة الكوميديا إسماعيل ياسين، لكن إعتذر عن هذا العمل، فقرّر المخرج فطين عبد الوهاب أن يوكل الدور لِممثّل خارج دائرة الممثلين الكوميديّين في ذاك العصر، لذلك وقع إختياره على الممثل الراحل عمر الشريف، فقدّم دوره الكوميدي الوحيد طيلة مسيرته الفنية من خلال فيلم إشاعة حب محقّقاً نجاحاً باهراً مع سائر شخصيات الفيلم. وبذات التكتيك في إختيار الكاستينغ، أوكلت أدوار أفراد عصابة “بِميت وش” لِممثلين من خارج الدائرة المعروفة حتى برعوا جميعاً في الأداء التمثيلي…
بالحديث عن أفراد هذه العصابة، لا بد من التنويه أنّ لكل أحد منهم مشكلته “التراجيدية” مثل الممرضة نجلاء التي تُصدّع زملائها بجملتها التي أصبحت ترند “أنا يتيمة… لا ليّا قريب ولا حبيب ولا غريب”، لكن تمّت معالجة مشاكل أفراد العصابة بِقالب مُعاكِس للتراجيديا، كما أنّ هذا العمل لا يتّسم بالكوميديا -بمعناها الحرفي- إنما هو مسلسل تشويقي من نوع الجريمة والعصابات مع أحداث بوليسية بنفحة كوميدية. ونُعقّب بالقول، أنّ جميع شخصيات العصابة لعبت دورها بإتقان شديد، ويُبشِّر بمواهب فنية يجب أن تأخذ حقّها في المستقبل القريب، مثل الممثلة دنيا ماهر بدور نجلاء التي إتسم أداءها بالعفوية المطلقة، والممثل إسلام إبراهيم الذي أضاف نكهة خاصة جداً على العمل بالإيفيهات الكوميدية التي ردّدها في حلقات المسلسل، كما إعتمد المسلسل على نص وحوار ذي قيمة وإتّسم بِعفويّة مدروسة لإضحاك الناس مع الإيفيهات المكتوبة في النص أو التي يخلقها الممثل بنفسه، وما ساعد في ذلك هو المساحة التي مُنحت لجميع شخصيات العمل.
أيضاً تمّ إختيار مواقع تصوير داخلية وخارجية أمْعَنت في إقناعنا بِما نُشاهده مثل المخزن، والمنزل الذي كان يقطن فيه حمادة قبل عمليات النصب. واللافت أيضاً أنّ المسلسل إستعان بِتتر غنائي من نوع أغنيات المهرجانات التي تحوز على شعبية كبيرة عربياً خلال الفترة الراهنة، وهذا ما يُعد ذكاءاً من صنّاع العمل كي يُشكّل التتر “لازمة” نُردّدها “مليونير بكرا هبقى مليونير”، ” هات كاش مش ببلاش خد كده…”.
لذلك، تمكّن مسلسل “بِميت وش” من تحقيق هذا النجاح الكبير في مصر والعالم العربي مع المُطالبة بتقديم جزء ثاني له.
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية.
