"عشرين عشرين"... هل يُقرّب الحب والإنسانية المسافات بين عالم القانون والخارجين عنه؟

12:14
26-04-2021
أميرة عباس
"عشرين عشرين"... هل يُقرّب الحب والإنسانية المسافات بين عالم القانون والخارجين عنه؟

ترتكز معظم الأعمال الدرامية حول فكرة "صراع الخير والشر" وما يُقدّمه مسلسل "عشرين عشرين" في الموسم الرمضاني الحالي، يختلف عن المعالجة التقليدية لهذا الصراع في الدراما إنّما يتناولها من باب التناقض بين عالميْن، الأول يتمثّل بعالم الشرطة والقانون (عالم الخير)، والثاني هو عالم المافيا والعصابات الخارجة عن القانون (عالم الشر).

بالرغم من هذا التناقض والتباين بين العالميْن إلا أنهما قد يلتقيان في ظروف إستثنائية لغرض معيّن، ومن هنا تظهر لنا مكامن الخير والإنسانية حتى في عالم الأشرار بمقابل الشر الذي يقوم به الخيّرون على طريقة ميكافيلي "الغاية تبرّر الوسيلة"، فتنقلب المقاييس ويذهب المُشاهِد في رحلة درامية مع مسلسل "عشرين عشرين" الذي يجمع في بطولته كل من الممثلة اللبنانية نادين نسيب نجيم والممثل السوري قصي خولي، كما يضم عدد من نجوم الدراما أمثال: كارمن لبس، فادي إبراهيم، رندة كعدي، يوسف حداد، طوني عيسى، وسام صليبا وغيرهم، إلى جانب حلول البوب ستار رامي عيّاش بمثابة ضيف شرف بدور محوري، فضلاً عن الإطلالة التمثيلية الأولى للفنانة ماريتا الحلاني، والعمل من تأليف نادين جبر وبلال شحادات، إخراج فيليب أسمر وإنتاج الصبّاح إخوان.

تنطلق قصة هذا العمل بعد مقتل أحد عناصر قوى الأمن الداخلي من شعبة المعلومات "جبران" الذي جسّد شخصيته البوب ستار رامي عيّاش بدور محوري أدّاه بتميّز رغم ظهوره في الحلقتيْن الأولى والثانية فقط لكنه ترك إنطباعاً وبصمة لدى الجمهور، وهذا الدور هو أشْبَه بالصفّارة التي تُطلق الأحداث إذ تُقرّر شقيقته النقيب سما (نادين نسيب نجيم) بعد مقتله تولّي مهام التحقيق في القضية 2020 التي كانت موكلة إلى جبران، وهي القضية التي من شأنها القبض على عصابة مخدرات يديرها صافي (قصي خولي) بالتعاون مع خاله الحوت (فادي إبراهيم). هنا تضطر سما للتنكّر بشخصية فتاة تُدعى حياة عبد الله كي تتقرّب من صافي ومحيطه وتنجح في ذلك بعد جهد جهيد لنيل ثقة صافي.

من خلال هذه الأحداث نرى التخبّط الذي تعيشه الشخصيات الدرامية ضمن هذا العمل، فتارة يظهر رئيس العصابة صافي بشخصية الرجل القاسي الذي يدير عمليات تهريب المخدرات ويُبرّر لنفسه بالقول:"ما حدا جبرهن على التعاطي وإذا ما أخدوا من عنا بياخدوا من عند غيرنا..."، وتارة أخرى نراه بصورة الرجل الطيب حيث تتجلّى إنسانيته في عطفه على أهالي الحي لمساعدتهم، كما يشعر بالأسى على الفتيات اللواتي أجبرتهنّ ظروفهنّ للعمل بالمخدرات، وسنكتشف لاحقاً أنّ هذا الجانب الإنساني- العاطفي في شخصيته سيكون بمثابة هلاكه بعدما يقع في حب النقيب سما/ حياة عبد الله، لينطبق عليه هنا ما يقوله تتر هذا المسلسل بصوت الفنان الشامل زياد برجي "اللي فكرتهن أحلام طلعوا بالآخر كوابيس"(كلمات علي المولى، ألحان محمود عيد، توزيع إيلي نستا). هذه الحالة النفسية التي يعاني منها صافي، لقد إستطاع الممثل السوري قصي خولي تجسيدها من أعماقها حتى بات المُشاهِد يعيش معه حالة الإبداع الداخلية، تلك الحالة التي يتحدث عنها الأب الروحي للمسرح الحديث "قسطنطين ستانسلافسكي" في كتابه "إعداد الممثل" قائلاً:"إنّ هذا الثالوث المكوّن من القوى الداخلية أي العقل، الإرادة والمشاعر يتشكّل بروح العناصر التي تهيمن عليها تلك القوى... عناصر الفنان في الدور"(الفصل الرابع عشر/صفحة 330). وهذا ما قام به خولي بحذافيره لتجسيد شخصية صافي متمكّناً من جميع عناصره كعادته.

أيضاً بالنسبة لشخصية سما/ حياة، فهي تعيش حالة من نوع آخر إذ برّرت لنفسها الكذب والخداع والتقصير في واجبات الأمومة على حساب تنفيذ القانون وحماية الوطن. ويُحسَب للممثلة نادين نسيب نجيم مدى تطوّرها الدرامي مقارنة بأعمالها السابقة حيث تحدّت نفسها لتقديم شخصيّتيْن مختلفتيْن تماماً في ذات المسلسل لتُثبت موهبتها ومهارتها التمثيلية في قالب درامي مختلف خاصة بخروجها من الدور النمطي للفتاة الجميلة التي يقع في حبّها أكثر من رجل.

أما بالنسبة لباقي الشخصيات الرئيسية-المُساندة للبطل/ة- فيتمتّعون بإحتراف كبير لاسيّما كل من الممثلتيْن كارمن لبّس بدور رسميّة ورندة كعدي بدور إم ديب، فهما تستحقّان عن جدارة كل كلمات الإطراء التي يكتبها أهل الصحافة ويُردّدها رواد منصات التواصل الاجتماعي لهم.

فيما خص باقي العناصر الدرامية للعمل، ننوّه بأنّه لا بد من الإشادة بطريقة الطرح الدرامي التي إعتمدها مؤلّفا العمل (نادين جابر وبلال شحادات)، فالقصة لم تأتِ بشكل إسقاطي على عالم العصابات وعالم رجال القانون إنّما تداخلت فيها عدة خطوط درامية فرعية تُغذّي الخط الدرامي الرئيسي كي لا يشعر المُتلقّي بالملل. وبالتأكيد إكتملت هذه العناصر بالإدارة الإخراجية والصورة التي يُقدّمها المخرج اللبناني فيليب أسمر.

في الختام، يبقى المُشاهِد مترقّباً حلقات "عشرين عشرين" طيلة الموسم الرمضاني لمتابعة نهاية أحداث هذا المسلسل، فهل ستنجح النقيب سما في مهمّتها بأقل خسائر ممكنة وما هو مصير صافي؟!