بالتزامن مع عرض وثائقي it’s ok بالفعل ظهرت النجمة اليسا بصورةٍ “عكس اللي شايفنها” ومن تخيل ان يأتي يوماً وتروي اليسار خوري للمرة الاولى اسراراً لم تبح بها سوى لمرآتها مثلما ذكرت في اغنيتها “يا مرايتي يلي بتعرفي حكايتي”.
عادةً يكون امام الفنان خياران قبل دخول عالم الفن والشهرة ، إما ان يخفي ماضيه ويبدأ من الصفر وإما يظهر اوراقه كما هي امام الجمهور مع العلم انه سيصبح اقل جماهيرية. اما بالنسبة لملكة الاحساس اليسا لقد قررت ان تكون عكس الجميع حيث شاركت حياتها قبل الشهرة مع الجمهور حتى في المواقف الصعبة و الحرجة احياناً والتي يخشى الفنانين اظهارها كي لا “تهز” صورتهم امام الملأ.
ها هي النجمة التي عبّرت طوال مسيرتها الفنية عن مشاكلها، معاناتها وحتى سعادتها من خلال اعمالها الفنية والتي استمع اليها الجمهور ورددها وكأنها فقط من باب الفن فغض النظر عن ابعادها الشخصية في حياة اليسا. من “حكايات” الى “يا مرايتي”، “كرهني”، “صاحبة رأي”، “فاكر”، “قهوة الماضي” اضافة الى ارشيف فني واسع يحمل رسائل عميقة ومتنوعة.
تحدثت اليسار خوري خلال الوثائقي الخاص بها عن طفولتها التي قضتها في مدرسة داخلية حيث كبرت واكتشفت موهبتها وسلطت الضوء على علاقتها بوالدها زكريا الخوري ومن الواضح جداً انها لا زالت حتى اليوم تعاني من فقدان والدها ويزداد الألم مع السنين فذكرت اليسا والدها في العديد من الأغاني مثل اغنية “زكريا” اضافة الى تأثرها الواضح وتغير ملامح وجهها كلما تحدثت عنه وشددت على دور افراد العائلة في حياتها وخاصةً دعم والدتها يمنى والتي تخصص اليسا وقتاً مقدساً لتقضي الوقت معهم وبالأخص مع شقيقتها الأقرب لقلبها “نورما”، وهنا حمل الوثائقي رسالة فرعية الى جانب رسالته الرئيسية حول الدور المهم الذي تلعبه الأسرة في المجتمعات العربية وهو الأمر الذي تفتقده الشعوب في المجتمعات الغربية.
الى جانب ذلك ذكرت اليسا قصة حبها “المدمرة” والتي كانت بالنسبة لها سبب من اسباب اصابتها بسرطان الثدي نسبةً الى العذاب النفسي الذي عاشته خلال هذه العلاقة فهنا نتحدث عن اليسا الانسانة التي تعاني بسبب علاقة حب فاشلة وصفتها بالسامة تتخبّط مع نفسها بعيداً عن الأضواء لأنها قررت ان تلتقي جمهورها حينها بإبتسامة عريضة بعيداً عن مشاكل حياتها الشخصية. بالإضافة الى ذلك، روت اليسا معاناتها المستمرة بسبب اصابتها بسرطان الثدي، فبالرغم من شفائها لا زالت اليسا تجري بعد العمليات في يدها اليمنى التي باتت منتفخة بسبب العلاج الذي خضعت له سابقاً.
ومن جهة اخرى يعتبر هذا الوثائقي بمثابة توعية اجتماعية تطال القضايا والمشاكل العربية بشكل عام واهمها “التنمر”، المشكلة التي رافقت اليسا منذ بداياتها حتى اليوم فذكرت موضوع السخرية على شكل فمها وقالت: ” في الفترة الاولى من حياتي لم استوعب كيف علي مواجهة كل هذه التعليقات السلبية السامة … فتعذبت” ولكن اليوم اصبحت اليسا “تشفق” على الأشخاص المتنمرين لأن بحسب قولها ” عندن نقص”. ها هي اليسا بالرغم من نجاحاتها الضخمة تكرس وقتها وفنها لدعم ضحايا التنمر وتسليط الضوء على هذه الظاهرة
اما من الجهة التقنية للعمل، فتميّز بطريقة التصوير الإحترافية والتي تتكون من معايير عالمية بالإضافة الى العنصر التشويقي الذي دفع المشاهد الى متابعة الحلقات الثلاث دون توقف اوملل والشعور بأنه على علاقة وطيدة مع اليسا الإنسانة وذلك من خلال نقلنا من مرحلة الى اخرى ومن بلد الى اخر (لبنان – فرنسا) بطريقة سلسة وذكية مثلا المشهد الذي صور اليسا في منتصف الليل تحضر “المنقوشة” بطريقة عفوية ومتواضعة وتشبه الناس الذين يعيشون بعيداً عن أضواء الشهرة.
كثيرون اعتبروا ان هدف من اهداف اليسا في هذا الوثائقي هو الترويج لألبومها المنتظر من جهة واستعطاف الجمهور من جهة اخرى ولكن شاهدنا على مواقع التواصل الاجتماعي موجة تعليقات ايجابية كبيرة تتعلق بهذا الوثائقي وكثيرون ايضاً شاركوا خبراتهم الشخصية في المواضيع المطروحة .
ومن منا لم يتأثر بعد متابعة هذا الوثائقي الإستثنائي ومن منا ايضا لم يسترجع ذكريات ومواقف من حياته تتطابق احياناً مع ظروف حياة اليسار خوري، من فقدان احد افراد العائلة الى الفقر، المرض، التنمر، علاقات الحب غير المنسية والكثير من المعاناة التي يمر بها الانسان… ولكن الأهم هو التخطي والاستمرار في الحياة… وهذه هي الرسالة التي حملتها اليسا حيث صنعت من الضعف قوة وناضلت بالرغم من المصاعب التي واجهتها … وها هي اليوم تقف على اهم واكبر المسارح وأمام الملايين من الجماهير والمعجبين اذ انها من أهم نجمات العالم العربي اضافةً الى حصولها على العديد من الجوائز العالمية وتَصَدر اغانيها القوائم الرقمية على المنصات الموسيقية المحلية، العربية والعالمية. والجدير بالذكر انّ اليسا هي الفنانة الأكثر مبيعاً للألبومات في العالم العربي وتتخطى أغانيها ملايين المشاهدين والمستمعين على يوتيوب والتطبيقات الرقمية الأخرى.
وأخيراً قررت اليسار زكريا الخوري تخطي كل هذه الصعوبات مستعينةً بعبارة “it’s ok” لتستمر في العطاء الفني الغني بالنجاحات، التفوق والإزدهار.
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية.









