إنتهى الموسم الرمضاني لعام 2021 ومعه إختُتِم عرض مسلسلات هذا الموسم، وككل عام تتقدّم إحدى الأعمال الدرامية لتحتل الصدارة، وبالنسبة للموسم الحالي لقد تصدّرت الدراما المشتركة -اللبنانية السورية- المشهد الدرامي بين مسلسليْ “عشرين عشرين” و”للموت”، إذ حقّق هذيْن المسلسليْن نجاحاً جماهيرياً فيما أخفقت أعمال أخرى وخيّبت آمال الجمهور بإستثناء القليل منها في الدراما اللبنانية، السورية والمصرية، وذلك مع كامل إحترامنا لجهود جميع نجوم وصنّاع الدراما العربية.
للتذكير، جمع مسلسل “عشرين عشرين” في بطولته كل من الممثلة اللبنانية نادين نسيب نجيم والممثل السوري قصي خولي، كما ضم عدد من نجوم الدراما أمثال: كارمن لبس، فادي إبراهيم، رندة كعدي، يوسف حداد، طوني عيسى، وسام صليبا وغيرهم، إلى جانب حلول البوب ستار رامي عيّاش بمثابة ضيف شرف بدور محوري، فضلاً عن الإطلالة التمثيلية الأولى للفنانة ماريتا الحلاني، والعمل من تأليف نادين جابر وبلال شحادات، إخراج فيليب أسمر وإنتاج الصبّاح إخوان. أما مسلسل “للموت” فهو من بطولة ماغي بو غصن، دانييلا رحمة، باسم مغنية، خالد القيش، محمد الأحمد والقديرة صباح الجزائري، مع عدد من نجوم الدراما أمثال: رندة كعدي، أحمد الزين، فادي أبي سمرا، وسام صباغ، كارول عبود، فيفيان أنطونيوس، ختام اللحام، خالد السيد، علي الزين، سليم حلال، رنين مطر، روزي الخولي، ريان حركة وضيف الشرف بديع أبو شقرا، تأليف نادين جابر، إخراج فيليب أسمر وإنتاج Eagle Films.
بالنسبة لمسلسل “عشرين عشرين”، لقد عالج هذا العمل قصة حب بطرح درامي مختلف بعيداً عن القالب التقليدي حيث تمحورت قصته حول تاجر المخدرات صافي (قصي خولي) الذي يقع في فخ حب النقيب سما بعدما إنتحلت صفة فتاة تُدعى حياة عبد الله من أجل الإنتقام لشقيقها الشهيد جبران عقل (رامي عياش)، وهنا زادت جرعة التشويق في الأحداث الدرامية مع الصراع بين المنطق واللامنطق، العقل والقلب، الضعف وقوة الإرادة… كل هذا الصراع عكس لنا الخير في قلوب الأشرار والشر في قلوب الخيّرين، هذه المعالجة الدرامية أعطت للمسلسل المذكور ثقلاً إستثنائياً فأتى غنياً بالأحداث دون أن يشعر المُشاهِد بأي ملل في أي حلقة من حلقاته، ناهيْك عن الأداء التمثيلي لجميع شخصياته الدرامية بين أدوار البطولة والأدوار المُسانِدة للأبطال، وهنا نُعقّب بالقول أنّ بطل العمل أي الممثل قصي خولي بشخصية صافي، شكّل حالة خاصة لدى الجمهور حيث يُعد هو نجم الموسم الرمضاني لعام 2021 برأي جميع الفئات من الجمهور إن كان بنظر النقّاد والصحافيّين أو روّاد منصات التواصل الاجتماعي حتى باتت مشاهِده وعباراته متداولة بين الناس لاسيّما عبارة “يا عفو الله”. أما بطلة العمل الممثلة نادين نسيب نجيم، لقد أدّت شخصيّتيْن بشخصية واحدة وهذا ما حمّلها مسؤولية كبيرة لكنها أثبتت أنها “قدها وقدود”، وهذا ما لاحظناه جلياً في كافة تفاصيل شخصيتيْ سما وحياة خاصة أنهما مختلفتان عن بعضهما البعض تماماً.
كما لن ننسى بالتأكيد الإشادة بدور الممثلة كارمن لبس بشخصية رسميّة التي أثبتت مجدداً أنّ الممثل البارع يُثبت موهبته ومهارته حتى خارج إطار أدوار البطولة -بمعناها الكلاسيكي- إنّما أثّرت رسمية على الجمهور مع كل مشهد قدّمته في حلقات “عشرين عشرين”، كذلك الأمر بالنسبة للممثلة رندة كعدي التي جسّدت دور الأم حتى تعاطفنا معها بكل جوارحنا من شدّة إتقانها الدور وإقناعنا به.
فيما خص مسلسل “للموت”، لقد لامس عصب الشارع حيث عالج قضية أطفال الشوارع بطرح درامي جديد إذ تناول قصة نماذج من هؤلاء الأطفال الذين يصبحون أشراراً في المستقبل بسبب الظروف المأساوية التي عاشوها في صغرهم، وهذا ما حصل مع سحر (ماغي بو غصن)، ريم (دانييلا رحمة)، وعمر (باسم مغنية)، ومع سرد الأحداث ضمن هذا العمل نلاحظ مدى التباين في شخصية كل أحد منهم حيث يتّسمون بالشر للإنتقام من قسوة الحياة وفي الوقت عيْنه يبقوا أسرى عاطفتهم وطيبتهم، وهذا ما إستطاع أبطال العمل تجسيده ببراعة حيث قدّمت بو غصن لأول مرة دور امرأة شريرة ما شكّل صدمة إيجابية لدى الجمهور الذي أثنى على أدائها وطالبها بتقديم المزيد من هذه النوعية الدرامية خاصة أنّ ماغي بذلت مجهوداً كبيراً حتى في أدق تفاصيل شخصية سحر فيزيولوجياً وسيكولوجياً، كما أدّت دانييلا دورها بشكل متقن وظهر مدى تطوّر أدائها التمثيلي عن السنوات السابقة لتقديم هذه الشخصية المُركّبة، أما مغنية لقد أثبت مجدداً مدى إحترافيته في التمثيل حيث كرّس خبرته الفنية الواسعة لتقمّص شخصية عمر رغم الصعوبة فيها لأنّها تمزج بين شخصية الرجل القوي والضعيف، القاسي والحنون، الشرس والطيب في آنٍ معاً. كما قدّم كل من الممثل محمد الأحمد شخصية هادي والممثل خالد القيش شخصية باسل بمقياس الممثل “الشاطر” وأعطيا دوريْهما حقّهما دون زيادة أو نقصان.
أيضاً نشير إلى أنّ مخرج العمليْن هو نفسه المخرج فيليب أسمر الذي يُعد من أهم المخرجين الشباب في لبنان والعالم العربي حيث كسب الرهان مجدداً هذه المرة، كما أنّ كاتبة العمليْن نادين جابر هي عيْنها -بالإشتراك مع الكاتب السوري بلال شحادات في عشرين عشرين- وفي هذا الإطار نُعقّب بأنّ النصوص التي تؤلّفها جابر لها نفحتها الخاصة التي لا تشبه غيرها خاصة أنّها تسعى جاهدة لِرصد الواقع عبر الدراما لكن بقالب خارج عن المألوف.
كل العناصر الآنف ذكرها، جعلت المسلسليْن المذكوريْن يتصدّران المشهد الدرامي في رمضان 2021 دون منازع.
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية.
