هل واقع الأغنية التراثية اللبنانية في خطر مع غياب هذا اللون الموسيقي؟!

9:40
17-09-2018
أميرة عباس
هل واقع الأغنية التراثية اللبنانية في خطر مع غياب هذا اللون الموسيقي؟!

تتّسم الأغنية اللبنانية بنمط موسيقي معيّن بعدما رسم هويّتها عمالقة الفن أمثال وديع الصافي، صباح، فيروز، نصري شمس الدين، جوزيف صقر، ملحم بركات إلى جانب كبار صنّاع الأغنيات مثل الأخوين الرحباني وبعدهما الموسيقار إلياس الرحباني والعبقري زياد الرحباني، الموسيقار روميو لحوّد، فيلمون وهبة إلخ....

 

توارثت الأجيال اللاحقة هذا اللون الغنائي "التراثي" الذي ننفرد به دوناً عن باقي الأوْطان لحين تمّ تصدير الأغنية اللبنانية إلى كافة أرجاء العالم العربي، لكن لو تأمّلنا قليلاً وتَمَعَّنّا في الإصدارات الغنائية الجديدة سنستشف أنّ ثمّة إنذار ما يشير إلى خطر إضمحلال هذا التراث الموسيقي !

 

في الواقع نجد أنّ معظم نجوم الغناء اللبنانيين ينصب إهتمامهم على تقديم اللون العاطفي حتى لو كان باللهجة اللبنانية لكن نفتقد لأغنيات تحاكي هذا التراث بصورة مُعاصرة، فنشتاق للإستماع إلى أغنية لبنانية بلون "الدبكة" مع كلمات راقية ولعلّ المغني اليوم أصبح مقيّداً بذوق الجمهور على مبدأ إخواننا المصريين "الجمهور عايز كده" أو لربّما الفنان مجبراً على تلبية رغبات شركات الإنتاج التي قد تهتم أكثر بالأغنية التجارية أو يستصعب الفنان راهناً إيجاد الكلمة واللحن الملائم لتقديم هذا النمط الموسيقي اللبناني الأصيل.

 

للتنويه نحن لا نشمل جميع الفنانين ولا نقصد عدم تقديم باقي الأنماط الموسيقية بل على العكس فإنّ الساحة الفنية تحتاج لهذا التنويع باللهجات والنغمات ولدينا في لبنان نجوماً كباراً يسعون لتقديم أفضل ما لديهم، ومع ذلك نفتقد على سبيل المثال للأغنية الوطنية اللبنانية ولا نشهد على إطلاق هذا النوع من الأعمال سوى مرّة كل بضع سنوات...

 

من الجدير ذكره أيضاً أنّ فن الغناء لا يهدف فقط لتقديم أغنية نُطرَب لها أو نرقص ونصفِّق حين نسمعها إنّما الأغنية التراثية ومنها الوطنية تحمل رسالة هامّة جداً حيث أنها توثّق مرحلة زمنية معينة يعيشها المجتمع الذي تنبثق منه هذه الأغنية وبالتالي هذا اللون الموسيقي التراثي، ولعل أبرز الأمثلة على ذلك هي الأغنيات العربية واللبنانية التي حاكت الأزمات الإقتصادية والغربة في سنوات سابقة مثل "الحلوة دي"(تمحورت حول الطبقية الإقتصادية في المجتمع المصري)، ومن الأغنيات اللبنانية نختار على سبيل المثال أغنية "الحالة تعبانة" التي ألّفها زياد الرحباني بصوت جوزيف صقر التي حاكت الوضع الإقتصادي، أما بالنسبة لمجتمعنا اليوم فهناك العديد من الأزمات التي قد تُشكِّل مواضيعاً دسمة لأغنيات تليق بالموسيقى التراثية مثل البطالة ورغبة الشباب في الهجرة إلخ ....

 

في الختام نشير إلى أنّه يجب الحفاظ على التراث الموسيقي، وإلى جانب ذلك لا بد من تقديم عدداً أكبر من الأعمال المُعاصرة التي تمتاز بنفحة الموسيقى اللبنانية "البحت" ليبقى هذا اللون الموسيقي حاضراً...!