الإستقلال اللبناني على طريقة المتنبّي... عِيدٌ بِأيَّةِ حَالٍ عُدْتَ يَا عِيدُ!

10:00
22-11-2024
أميرة عباس
الإستقلال اللبناني على طريقة المتنبّي... عِيدٌ بِأيَّةِ حَالٍ عُدْتَ يَا عِيدُ!

"عِيدٌ بِأيَّةِ حَالٍ عُدْتَ يَا عِيدُ"، عيد الإستقلال اللبناني اليوم في لبنان لا يشبه فرحة العيد بشيء حيث كان الحال أفضل في الأعياد التي سبقته رغم سوء الوضع منذ عدة أعوام. فأي إستقلال والوطن يشتعل من نيران الحرب فيه؟!


كنّا نعتاد على ترداد أغنيات العيد وننتظر أي عيد أو مناسبة سعيدة كي نبتهج ونرقص فرحاً... هذا هو لبنان الذي نعرفه ويعرفنا لكن اليوم نقتبس قصيدة أبو الطيب المتنبي لنرثي الوطن بحلول عيد الإستقلال في زمن الحرب فنقول الأبيات الآتية:

عِــيــدٌ بِــأَيَّــةِ حَــالٍ عُــدْتَ يَـا عِـيـدُ بِـمَـا مَـضَـى أَمْ بِـأَمْـرٍ فِـيـكَ تَـجْـدِيـدُ
أَمَّــا الْأَحِــبَّــةُ فَــالْــبَــيْــدَاءُ دُونَــهُـمُ فَــلَــيْــتَ دُونَــكَ بِــيـدًا دُونَـهَـا بِـيـدُ
لَوْلا العُلى لم تجُبْ بي ما أجوبُ بهَا … وَجْنَاءُ حَرْفٌ وَلا جَرْداءُ قَيْدودُ
وَكَانَ أطيَبَ مِنْ سَيفي مُعانَقَةً … أشْبَاهُ رَوْنَقِهِ الغِيدُ الأمَاليدُ
لم يَترُكِ الدّهْرُ مِنْ قَلبي وَلا كبدي … شَيْئاً تُتَيّمُهُ عَينٌ وَلا جِيدُ

هذه القصيدة التي تعد أحد أشهر القصائد العربية ترجمت حينذاك الوضع السياسي المتشرذم خلال العصر العبّاسي الثاني إذ نقل المتنبي معاناته الشخصية بأسلوب إنتقالي من الخاص إلى العام كي تعكس المعنى الخاص به والعام الذي يشمل الوضع المذكور، وللتنويه هنا، حدثت جفوة بين المتنبي وحاكم مصر -آنذاك- كافور الإخشيدي، ولما لم يحصل المتنبي على ما تمناه من نفوذ داخل البلاط الملكي قرّر كتابة هذه القصيدة في هجاء كافور قبل رحيل المتنبي عن مصر بيوم واحد وذلك في يوم عرفة قبيْل عيد الأضحى في عام 350 هجرياً. وخلال تلك الحقبة، كان يعاني المجتمع من الإضطراب المذهبي، والإحتراب الطائفي؛ تلك الحروب التي مزّقت شمل المجتمع العربي وما زلنا ندفع ثمنها لغاية زماننا الراهن.

اليوم وبالتزامن مع عيد الإستقلال، نرثي العيد في لبنان المفجوع وشعبه الأشبه بالأم الثكلى على طريقة المتنبي في قصيدته الآنف ذكرها. ومثلما نقول بلهجتنا اللبنانية العامة:"العين عم بتدمع والقلب عم ينزف ع لبنان"، ومع ذلك لن نستسلم ولن نفقد الأمل بل سنبقى كطائر الفينيق الذي يحيا كلما إحترق ليولد من رماده طائر فينيق جديد، فنحن شعب خلق على هذه الأرض لنحمل هذه الأسطورة الإغريقية جيل بعد جيل ومع كل حرب تلو الأخرى دون أي كلل أو ملل لنحوّل الألم إلى أمل والموت إلى حياة!