حلّ الممثل اللبناني طلال الجردي ضيفاً في برنامج “عمر جديد” الذي تقدّمه الإعلامية نسرين الظواهرة عبر أثير “أغاني أغاني”، حيث قدّم سرداً متماسكاً لمسيرته وتجربته في الدراما والمسرح، مؤكداً أن قيمة الممثل لا تُقاس بحجم الدور، بل بالإمضاء الذي يتركه في ذاكرة الجمهور. أوضح طلال الجردي أن الممثل يخرج من الدور أفضل مما هو مكتوب على الورق، وأن لكل فنان بصمته الخاصة التي تظهر في الصوت والتعابير والأداء. شدّد على أن المخرج هو “المتفرج الأول الصادق”، السند والظهر الذي يحرص على نجاح العمل وعلى الممثل معاً، معتبراً أن الثقة بين الممثل والمخرج هي أساس التجربة الفنية. وأشار إلى أن الكيمياء (Chemistry) بين الممثل والمخرج قد تكون أحياناً غائبة، ما يجعل العمل غير متكامل، لكنه أكد أن تجربته مع عدد من المخرجين كانت غنية ومثمرة، مثل راوي، ليث، وإيلي حبيب، حيث وجد معهم انسجاماً عالياً انعكس على جودة الأعمال. وتوقف الجردي عند واقع الدراما اللبنانية مقارنة بالدراما السورية، مشيراً إلى أن الوجه السوري مطلوب أكثر عربياً، ليس حسداً بل نتيجة دعم الدولة السورية لقطاعها الفني، فيما غاب الدعم الرسمي عن لبنان. ورأى أن السوريين زرعوا وحصدوا بجهدهم، بينما في لبنان بقي الإنتاج رهينة الأزمات الاقتصادية وغياب الرعاية المؤسسية. وأكد أن الدراما السورية استطاعت أن تصل إلى المرتبة الأولى عربياً خلال السنوات الماضية، فيما ظلّت الدراما اللبنانية تعاني من ضعف التمويل وتراجع الإنتاج، رغم وجود أسماء كبيرة قادرة على المنافسة. كما استعاد تجربة مسلسل “العميل” الذي شكّل محطة فارقة في مسيرته، مؤكداً أن نجاح العمل تخطّى حجم الدور الذي أدّاه، وأن القيمة الحقيقية تكمن في الأثر الجماعي الذي يتركه العمل على المشاهدين. وأوضح أن بعض الأدوار قد تبدو صغيرة على الورق، لكنها تتحول إلى بصمة لا تُمحى عندما يقدّمها الممثل بإمضاءه الخاص. وفي سياق حديثه، تطرّق الجردي إلى قصة الفنان فضل شاكر، معتبراً أن الموهبة كانت واضحة منذ بداياته، وأن المجتمع هو الحكم النهائي على أي رواية أو مسيرة، لا الأفراد. وأشاد بإحساس ابنه وموهبته، مؤكداً أن الفن الحقيقي يخرج من البيئات البسيطة ليكسر الحواجز ويصل إلى الناس. وأضاف أن نجاح فضل شاكر من غرفة صغيرة في المخيم إلى النجومية العربية هو دليل على أن الموهبة الصادقة قادرة على تجاوز كل الظروف. الجردي لم يكتفِ بالحديث عن تجربته الشخصية، بل تناول أيضاً أزمة الإنتاج في لبنان، مشيراً إلى أن غياب الدعم الرسمي جعل النقابة عاجزة عن تأمين موارد، وأن الدولة لم تقف إلى جانب الدراما كما فعلت دول أخرى مع فنانيها. ورأى أن الحل يكمن في خطة واضحة لدعم الإنتاج المحلي، وتقديم أعمال لبنانية مدعومة قادرة على المنافسة في الأسواق العربية، مؤكداً أن الدراما اللبنانية تملك الإمكانات لكنها تحتاج إلى استمرارية (Consistency) ورؤية طويلة الأمد. في ختام حديثه، شدّد طلال الجردي على أن الفن ليس في حجم الدور، بل في الإمضاء الذي يتركه الممثل في ذاكرة الناس. ورأى أن المخرج هو الشريك الأول في صناعة البصمة، وأن الدراما اللبنانية قادرة على المنافسة إذا وجدت دعماً رسمياً يوازي طموحات فنانيها. وبين حديثه عن فضل شاكر وتجربته الشخصية، وعن واقع الدراما اللبنانية والسورية، بدا الجردي متماسكاً في رؤيته، واضعاً الإصبع على الجرح: الفن رسالة، والإمضاء هو العلامة التي تبقى، فيما يبقى الدعم المؤسسي هو الشرط الأساسي لتحويل هذه الإمضاءات الفردية إلى ذاكرة جماعية لا تُمحى.

يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية.









