من صلب المأساة والأزمات التي نعيشها في مجتمعنا، تنطلق أحداث المسلسل اللبناني السوري المشترك “النار بالنار”، فما بين أزمة الدولار، الكهرباء، والمفقودين يتأرجح الخط الدرامي الرئيسي للعمل ويتقاطع مع خطوطه الفرعية بثباتٍ مشوّق تمهيداً لحلقاته المقبلة التي تُعرض عبر شاشة LBCI في الموسم الرمضاني الجاري.
هذا العمل من بطولة الممثل السوري عابد فهد بشخصية “عمران”، ويشاركه نخبة من نجوم الدراما اللبنانية والسورية أهمّهم: كاريس بشار، جورج خباز، طوني عيسى، زينة مكي، طارق تميم وغيرهم. وهو من كتابة رامي كوسا، إخراج محمد عبد العزيز، وإنتاج شركة الصبّاح إخوان.
ويروي قصة حيّ يعيش فيه سوريون ولبنانيون وسط صراع بين أبناء الحي، وانعكاس الأزمة الإقتصادية في لبنان على المواطنين واللاجئين. بدءاً مع عمران وهو شخص مادي ومرابي سوري الجنسية يبتز أبناء الحي لدفع الخوات له، ويتحكّم بهم دون رحمة ، ففي إحدى حواراته خلال الحلقة الأولى يقول وهو ممسكاً بيده حفنة من الدولارات:”العالم كلّو ما فيه شي بينضفو غير هالوسخ” قاصداً المال.
وفي مشهد آخر من الحلقة الأولى يقوم عمران بقطع التيار الكهربائي من مولّد الحي ليفرض على أهله زيادة في التسعيرة بالدولار، فيتشاجر أبناء الحي بسبب تقسيم “الأمبيرات” بشكل غير عادل بين بعضهم البعض.
كما يُسلّط العمل الضوء على قضية المفقودين في لبنان لاسيّما داخل السجون السورية -رغم عدم ذكرها حرفياً- حيث نرى عزيز (جورج خباز) وهو يُشارك في أحد الإعتصامات الخاصة بالمفقودين ومنهم والده الذي لا يعرف مصيره منذ الحرب الأهلية اللبنانية. وهو شغوف بالموسيقى وشخص إنطوائي له مزاجه الخاص. ولعلّ المشهد الأهم الذي جمع بطليْ العمل في أولى حلقتيْه هو ذاك الذي اضطر فيه عزيز على رهن البيانو الخاص به لدى عمران كي يستطع تأمين كلفة الطبابة لوالدته في المستشفى قبل وفاتها، إذ رأينا مدى الجشع والطمع لدى عمران في مقابل الأسى و”كسرة الخاطر” لدى عزيز!
أما الممثلة كاريس بشار فلم تطل في الحلقة الأولى من المسلسل إنما في الثانية منه، ولم يكتشف المُشاهِد بعد قصتها لكنها على ما يبدو أنّ الحياة أثقلت على أكتافها الكثير من الهموم حتى ظهر ذلك من خلال طريقة سيْرها وهي تدخل الحي بعدما أتت من سوريا إلى لبنان، وفيه واجهت أولى مشاكلها بسرقة حقيبة يدها.
وما لفتنا أيضاً في الحلقتيْن الأولى والثانية للعمل أنّ المخرج اعتمد في معظم المشاهِد على صورة بألوان قاتمة وإضاءة خافتة حتى في اللقطات التي لا ترتكز على فكرة إنقطاع التيار الكهربائي، وذلك في دلالة على سوداوية المجتمع.
كما كان لافتاً مدى التركيز على ملصق لصورة “شيغافارا” في عدة لقطات داخل منزل الممثل طارق تميم، لما تحمله هذه الشخصية من رمزية للثورة والتحرّر الاجتماعي على نهج الايديولوجيات اليسارية.
ومع هاتيْن الحلقتيْن استطاع مسلسل “النار بالنار” جذب الجمهور لمتابعته مع التشوّق لمعرفة أسرار وخبايا هذا الحي وقصص أبنائه مع عرض الحلقات المقبلة…
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية.