أصدرت الدائرة الثالثة بمحكمة القضاء الإداري في مصر قرارًا بحجز الدعوى التي أقامتها الديفا هيفاء وهبي ضد نقابة المهن الموسيقية ونقيبها مصطفى كامل، ليصدر الحكم في الجلسة المحددة يوم 28 ديسمبر/كانون الأول المقبل، في قضية أثارت جدلًا واسعًا حول حدود سلطة النقابات الفنية وحرية الإبداع في مصر. الدعوى التي تدخل فيها المحامي الدكتور هاني سامح، جاءت ردًا على قرار النقابة بمنع وهبي من الغناء داخل البلاد وسحب تصاريحها، وهو القرار الذي اعتبره كثيرون تجاوزًا غير مسبوق لصلاحيات النقابة. تقرير هيئة مفوضي الدولة، الذي يمثل رأيًا استشاريًا مهمًا في مثل هذه القضايا، انتهى إلى عدم مشروعية قرار النقابة، مؤكدًا أنه صدر بلا مسوغ قانوني ويتعارض مع المبادئ الدستورية التي تكفل حرية الإبداع وترفض أي رقابة غير قضائية على الفن. التقرير شدد على أن القرار يمثل اعتداءً صريحًا على المادتين 65 و67 من الدستور المصري، اللتين تضمنان حرية الفكر والإبداع الفني، وهو ما يعزز موقف وهبي أمام المحكمة. في مذكراته المقدمة للمحكمة، طالب الدكتور هاني سامح بعزل نقيب الموسيقيين مصطفى كامل، متهمًا إياه بتبني سياسات تقيّد حرية الفن وتسيء إلى سمعة مصر الفنية، خاصة في وقت تشهد فيه المنطقة العربية نشاطًا ثقافيًا متوسعًا. سامح دعا أيضًا إلى إلغاء القرارات الصادرة بحق الفنانين خلال الفترة الأخيرة، وإسناد إدارة النقابة مؤقتًا إلى وزارة الثقافة لحين إعادة هيكلتها بما ينسجم مع القانون والدستور. القضية لم تتوقف عند حدود هيفاء وهبي، بل فتحت الباب أمام نقاش واسع حول تأثير قرارات النقابة على الحركة الفنية داخل مصر. سامح أكد في مرافعته أن بعض قرارات المنع جاءت استجابة لضغوط من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ما انعكس سلبًا على تنظيم فعاليات فنية ومهرجانات كبرى، وأضر بالسياحة الثقافية التي تعد أحد روافد الاقتصاد الوطني. الدعوى استندت كذلك إلى أحكام المحكمة الدستورية العليا التي سبق أن قضت بإلغاء بعض مواد قانون النقابة رقم 35 لسنة 1978، والمتعلقة بمعاقبة الفنانين غير المقيدين، وهو ما يعزز الطعن على قرارات النقابة الأخيرة. هذه الخلفية القانونية تجعل القضية اختبارًا حقيقيًا لمدى التزام المؤسسات الفنية بالقانون والدستور، بعيدًا عن أي ضغوط أو اعتبارات شخصية. وبينما ينتظر الوسط الفني المصري والعربي ما ستسفر عنه جلسة 28 ديسمبر/كانون الأول ، يرى مراقبون أن الحكم سيكون له أثر يتجاوز قضية هيفاء وهبي، ليشكل سابقة قضائية تحدد مستقبل العلاقة بين النقابات الفنية وحرية الإبداع في مصر. فالقضية باتت رمزًا لصراع أوسع بين سلطة إدارية تسعى إلى فرض قيود، وفنانين يطالبون بحقهم في التعبير والإبداع بلا وصاية. في النهاية، تقف حرية الفن أمام اختبار حاسم، حيث يترقب الجميع ما إذا كان القضاء الإداري سيعيد الأمور إلى نصابها، ويؤكد أن الإبداع لا يُقيد إلا بالقانون والدستور، لا بقرارات إدارية تفتقر إلى الشرعية.
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية.









