شهد موسم الرياض واحدة من أجمل لياليه الفنية مساء الجمعة، حيث أحيا فنان العرب محمد عبده حفلاً غنائياً استثنائياً قدّم خلاله باقة من أبرز أعماله التي شكّلت جزءاً من ذاكرة الطرب العربي. الحفل الذي أقيم على مسرح محمد عبده أرينا وسط حضور جماهيري كبير، حمل طابعاً خاصاً من الفخامة، ليؤكد مرة أخرى أن محمد عبده يظل أيقونة الطرب الخليجي والعربي بلا منازع. الحفل جاء برعاية الهيئة العامة للترفيه وإشراف المستشار تركي آل الشيخ، فيما تولّت مجموعة روتانا للموسيقى التنظيم والإدارة الفنية، لتضيف لمسة احترافية على تفاصيل الأمسية. وقد أعلنت روتانا عبر حساباتها الرسمية عن الحفل، مؤكدة أنها الجهة المنظمة، كما أضافت ليلة إضافية بعد نفاد التذاكر، وهو ما يعكس حجم الإقبال الجماهيري الكبير على حضور محمد عبده في موسم الرياض. منذ اللحظة الأولى لصعوده على المسرح، تفاعل الجمهور مع إطلالته المهيبة، قبل أن يبدأ الأمسية بأغنية “سرقني” التي حملت دفئاً عاطفياً وأشعلت مشاعر الحاضرين. ثم انتقل إلى أغنية “سقى الله موعدك يا زين”، تلتها “سقى الله موعد الأحباب”، حيث بدا واضحاً أن الجمهور يعيش حالة من الطرب الأصيل مع كل جملة موسيقية. وتواصلت الأمسية مع أغنية “اللي أغلى من سنيني” التي لاقت تفاعلاً واسعاً، قبل أن يقدّم رائعة “ناظريني لين تحسدني العيون”، وهي من الأغاني التي تحمل بصمة خاصة في مسيرة محمد عبده، إذ عبّر من خلالها عن مزيج من العاطفة والحنين. ولم يتوقف الحفل عند هذا الحد، بل أمتع جمهوره بأغنية “يا أول الحب شفتك أنا”، ثم “يا أعذب الحب عشتك أنا مرة”، ليغمر المسرح بأجواء وجدانية عميقة. اللحظة الأكثر تأثيراً كانت حين قدّم محمد عبده أغنية “جمرة غضى”، التي تُعد من كلاسيكيات الطرب الخليجي، حيث رددها الجمهور معه بصوت واحد، في مشهد يعكس قوة ارتباط الناس بأعماله. أما ذروة الأمسية فجاءت مع “أنشودة المطر”، التي طغت بعذوبتها على المسرح، لتتحول إلى لوحة فنية متكاملة تجمع بين الشعر والموسيقى والصوت العذب. الحفل لم يكن مجرد أمسية غنائية، بل كان احتفاءً بتاريخ طويل من الفن الأصيل، حيث جسّد محمد عبده عبر اختياراته الغنائية مسيرة ممتدة من الإبداع والنجاح. الجمهور الذي حضر من مختلف الأعمار والخلفيات، وجد في هذه الليلة فرصة لاستعادة ذكريات جميلة، والتواصل مع إرث موسيقي خالد. ويأتي هذا الحفل ضمن فعاليات موسم الرياض الذي يواصل تقديم أضخم الفعاليات الفنية والثقافية، ليؤكد مكانته كأحد أبرز المهرجانات في المنطقة. مشاركة محمد عبده في الموسم تُعد إضافة نوعية، إذ يجمع بين الأصالة والحداثة، ويمنح الجمهور تجربة فنية لا تتكرر. في النهاية، أثبت محمد عبده مرة أخرى أنه ليس مجرد مطرب، بل مدرسة فنية قائمة بذاتها، قادرة على أن تجمع الناس حول الطرب الأصيل، وتمنحهم لحظات من الفرح والحنين في آن واحد. ومع هذه الأمسية، يظل موسم الرياض شاهداً على أن الفن الحقيقي لا يشيخ، بل يتجدد مع كل جيل وكل أغنية.
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية.









