في مشهد استثنائي جمع بين التاريخ العريق والفن المعاصر، خطفت فرقة ميّاس اللبنانية الأضواء خلال عرض مبهر أقيم أمام أهرامات الجيزة في مصر، ضمن احتفالية خاصة نظمتها مجلة فوغ العربية. العرض الذي جاء في قلب أحد أعظم معالم الحضارة الإنسانية، شكّل لوحة بصرية آسرة جسدت التقاء الإبداع اللبناني مع الرمزية المصرية، ليؤكد أن الفن قادر على تجاوز الحدود وصناعة جسور بين الثقافات. منذ اللحظة الأولى، بدا العرض وكأنه حوار صامت بين الماضي والحاضر؛ حيث تحولت الأهرامات إلى خلفية أسطورية تحتضن حركات راقصات ميّاس المتناغمة، التي امتزجت فيها الدقة التقنية بالرمزية البصرية. الفرقة، التي أسسها نديم شرفان عام 2013، أثبتت مجدداً أنها ليست مجرد مجموعة رقص، بل مشروع فني يحمل رسالة حضارية وإنسانية، ويعيد تعريف مفهوم الأداء الجماعي من خلال الانسجام التام بين عشرات الراقصات اللواتي يتحركن كجسد واحد. وقد جاء اختيار فرقة ميّاس ليعكس صورة الإمرأة الع بيةالتوجه، خصوصاً بعد أن حققت شهرة واسعة بفوزها بلقب America’s Got Talent عام 2022، لتصبح رمزاً للتميز اللبناني والعربي على الساحة الدولية. العرض أمام الأهرامات حمل أبعاداً رمزية عميقة؛ فبينما تمثل الأهرامات ذروة الإبداع الإنساني في العصور القديمة، جاءت ميّاس لتقدم نموذجاً معاصراً للإبداع العربي الحديث. هذا التلاقي بين الحضارتين منح المشهد بعداً فنياً وثقافياً مضاعفاً، حيث بدا وكأن التاريخ يفتح أبوابه للفن الحديث ليكتب فصلاً جديداً في مسيرة الإبداع العربي. النقاد الذين تابعوا العرض وصفوه بأنه “تجربة بصرية استثنائية”، مشيرين إلى أن الفرقة نجحت في توظيف الإضاءة والرمزية الحركية لتقديم عرض يليق بالمكان التاريخي. كما اعتبروا أن هذا الحدث يرسخ مكانة ميّاس كواحدة من أبرز الفرق الفنية في العالم، ويؤكد قدرة الفن اللبناني على الوصول إلى العالمية من أوسع أبوابها. الاحتفالية لم تقتصر على العرض وحده، بل شكلت أيضاً مناسبة للاحتفاء بالثقافة العربية في أرقى صورها، حيث جمعت بين الموضة والفن والتاريخ في إطار واحد. وقد بدا واضحاً أن فوغ العربية أرادت من خلال هذا الحدث أن تقدم صورة جديدة عن المنطقة، صورة تحتفي بالإبداع وتضعه في قلب المشهد العالمي. في النهاية، يمكن القول إن عرض ميّاس أمام الأهرامات لم يكن مجرد أداء فني، بل حدث ثقافي بامتياز، أعاد التأكيد على أن الفن العربي قادر على المنافسة والابتكار، وأن المرأة العربية قادرة على أن تكون في مقدمة المشهد الإبداعي العالمي. إنه عرض سيظل محفوراً في الذاكرة، لأنه جمع بين قوة المكان وعظمة الأداء، ليكتب سطراً جديداً في تاريخ الفن العربي المعاصر.
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية.









