يرصد الفيضانات في أقل من دقيقة… ما هو النموذج الجديد؟
بعد الدمار الذي خلّفه إعصار دانيال على السواحل الليبية وما شهدته مدينة درنة خلال الأيام الماضية من فيضانات مدمرة أدت إلى مقتل أكثر من 5 آلاف شخص، ووجود أكثر من 10 آلاف آخرين في عداد المفقودين، يحتاج العالم إلى التحرك بشأن تغيُّر المناخ وإلى خطوات عملية في التعامل مع الفيضانات.
هذا لأن إعصار دانيال ليس الأول، فقبل ذلك، في عام 2023 أيضاً غمرت فيضانات شديدة أجزاء كبيرة من الصين. وفي اليونان، جاءت الفيضانات الشديدة عَقِب حرائق الغابات.
ونستذكر الأمطار على الساحل الشرقي لأستراليا في فبراير/شباط 2022، حيث هطلت في أسبوع واحد أمطار توازي أمطار عام بأكمله، أدت إلى سلسلة من الفيضانات المدمرة وتسببت في أضرار تزيد قيمتها على 6 مليارات دولار.
وهنا يأتي دور علماء الهندسة الهيدرولوجية للفيضانات. فأحد مجالات تركيز أبحاثهم الرئيسية هو توفير معلومات دقيقة حول الفيضانات الوشيكة وتقديم تنبؤات قبل حدوثها للمساعدة في التخطيط لإخلاء السكان، وتصميم البنية التحتية بهدف تقليل تأثيرات الفيضانات والدمار.
انطلاقاً من هذه الحاجة الملحّة، قام المهندسون خلال القرن الماضي بتطوير وتحسين نماذج هيدروديناميكية وهي نماذج عددية تحاكي الفيضانات عبر تقسيم المنطقة إلى مناطق فرعية أصغر - "خلايا الشبكة" - وحساب كيفية تحرك المياه بين تلك الخلايا بعد ذلك.
ويتم وصف حركة الماء عن طريق حل المعادلات التفاضلية المعقدة بناء على المبادئ الفيزيائية لتدفق الماء. ويستغرق حل المعادلات المعقدة لملايين من خلايا الشبكة المترابطة تلك وقتا طويلا، في حين تتحرك الفيضانات بشكل أسرع مما يمكن التنبؤ به باستخدام هذه النماذج الهيدروديناميكية عالية الدقة.
غير أن هذا يعني عدم إمكانية استخدام هذه النماذج الدقيقة في حالات الفيضانات الطارئة لأن العملية الحسابية بطيئة ولا تترك وقتًا للإخلاء أو لاستراتيجيات التخفيف المخطط لها.
لهذا، قام فريق من الباحثين من جامعة ملبورن في أستراليا بتطوير نموذج تم نشر تفاصيله في مجلة "Nature Water" في 11 أيلول يسمّى "إل إس جي" (LSG) ويُستخدم للتنبؤ بمدى وعمق الفيضانات بشكل أسرع بكثير من ارتفاع مياه الفيضانات.
ويشير البيان الصحفي على موقع الجامعة أن فكرة الفريق هي استخدام نموذج هيدروديناميكي منخفض الدقة لتوفير تقدير أولي للفيضانات، ثم باستخدام أساليب رياضية يتم تحويل التقديرات المنخفضة الدقة إلى تنبؤات بأنماط غمر الفيضانات في الزمان والمكان التي تكون دقيقة مثل النماذج الهيدروديناميكية عالية الدقة.
وتمكّن الفريق من خلال نموذجه الجديد الخاص من تحقيق سرعة تنبؤ أعلى ألف مرة من النماذج عالية الدقة.
ويقول البيان الصحفي إن المفتاح لتحقيق هذا التسريع الهائل هو تطوير واستخدام نموذج منخفض الدقة ومبسّط للغاية، يحتوي على خلايا شبكية تغطي أكثر من مليون متر مربع. ولكن باستخدام منهجية النموذج من قبل الفريق يمكن تحسين مهارات التقديرات لتوفير تنبؤات دقيقة مثل النموذج الذي يحتوي على أكثر من 50 مرة من خلايا الشبكة.
وقد تم اختبار النموذج على نظامين نهريين كبيرين في أستراليا ووجد الفريق أن نموذجهم يمكنه محاكاة التطور الديناميكي لغمر الفيضانات ويوفر بالتالي المعلومات الدقيقة اللازمة بشكل سريع.
ويقول الباحثون إن نموذجهم يستغرق 33 ثانية بدلا من 11 ساعة، ويلتقط الفيضان في منطقة الدراسة بدقة 99% مقارنة بالنموذج الهيدروديناميكي عالي الدقة.
ويمثل هذا النموذج قفزة كبيرة يمكن أن تنقذ أرواح الكثيرين وتحمي البنية التحتية.
المصدر: info3
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية