اكتشاف تابوت مصري نادر من عصر الدولة الوسطى في الأقصر
اكتشف باحثون فرنسيون ناووساً "تابوت"من عصر الدولة الوسطى في مدينة الأقصر المصرية، وذلك في إطار بعثات تنقيب بدأت بعد اكتشاف نواويس في الموقع نفسه خلال عامي 2018 و2019. وقد أُعلن عن هذا الاكتشاف في 16 كانون الأول ديسمبر 2023، بعد عملية تنقيب استمرت لشهرين.
والناووس هو الهيكل الذي تحفظ به تماثيل المعبودات بداخله في مصر القديمة، ويعرف علماء الآثار لفظ ناووس إلة "تابوت"، وهو لفظ أطلقه اليونانيون على غطاء حجري مزين بنقوش يحفظ القبر والجثامين.
واهتم المصريين القدماء بالناووس، فكان يصنع من الخشب، في بداية الأمر، وكانت التقالید المقدسة، تلتزم التزاماً فائقاً باستعمال نوع من الأخشاب الثمینة الرفیعة المستوى لصنع الناووس.
من جهته، أكد فريديريك كولان، مدير معهد علم المصريات في جامعة ستراسبورغ، الذي شارك في الحملة، أن الاكتشاف يتيح للمؤرخين فرصة كبيرة لفهم أعمق للطقوس الجنائزية في مصر القديمة. وحملة التنقيب نظمت بشكل مشترك بين جامعة ستراسبورغ والمعهد الفرنسي للآثار الشرقية (IFAO). وقد اعتبر علماء المصريات هذا الاكتشاف مهمًا من عدة نواحٍ. ومن أبرز هذه الأبعاد، توفير إجابة على "سؤال أنثروبولوجي مهم"، يتعلق بكيفية تعامل المصريين القدماء مع الجثث المحنطة ورفات أسلافهم عندما كانوا يعثرون على توابيت قديمة ويضطرون لإخراجها من مثواها الأخير أثناء الأعمال العامة الكبرى.
في هذا الإطار، يشير كولان إلى أن التابوت المكتشف يمثل عملية إعادة دفن. ففي عامي 2018 و2019، تم العثور على خمسة نواويس تعود إلى عصر الدولة الحديثة (من القرن الرابع عشر قبل الميلاد إلى القرن التاسع قبل الميلاد)، والتي تم إعادة دفنها. وهدف الحملة الجديدة كان فهم طبيعة هذه الاكتشافات بشكل أفضل والتحقق مما إذا كانت تشكل قبرًا معزولًا أو جزءًا من مجموعة أوسع من عمليات إعادة الدفن.
والجدير ذكره أنّه تم التنقيب في طبقات متراكمة تجاوز عمرها 3000 سنة، بلغ ارتفاعها أكثر من ثمانية أمتار. وقد تم العمل في هذه الطبقات على مدار ثلاث حملات تنقيب استمرت على مدار ستة أشهر. وفي اليوم الأخير من الحملة الثالثة، بدأت الإجابة على العديد من الأسئلة المتعلقة بالاكتشاف. وأوضح كولان أنه تم العمل فقط على الطبقة التي يحتوي عليها الناووس، وستستأنف أعمال التنقيب في أكتوبر 2025.
مع الإشارة إلى أنّ الناووس الذي يعود إلى عصر الدولة الوسطى (من أواخر القرن الحادي والعشرين قبل الميلاد حتى أواخر القرن الثامن عشر قبل الميلاد) كان محميًا في صندوق خشبي مصمم خصيصًا. ومن المتوقع أن يتم دراسة محتوى الناووس في عام 2025 بالتعاون مع علماء آثار متخصصين في التنقيب عن الجثامين البشرية، باستخدام تقنيات النمذجة ثلاثية الأبعاد، وهي الطريقة التي يستخدمها الفريق منذ عام 2018.
تعتبر الاكتشافات الأخيرة في مدينة الأقصر ذات أهمية كبيرة في فهم تاريخ مصر القديمة وتطوير دراسة الحضارة الفرعونية. تكمن أهمية هذه الاكتشافات في أنها تقدم رؤى قيمة حول طقوس الدفن والتعامل مع الجثث في العصور القديمة، خاصة في ما يتعلق بإعادة دفن التوابيت القديمة وكيفية تعامل المصريين مع رفات أسلافهم. كما أن هذا النوع من الاكتشافات يعزز معرفتنا حول ممارسة الفراعنة للطقوس الجنائزية، والتي كانت جزءًا أساسيًا من ثقافتهم وعقيدتهم. من خلال دراسة النواويس والآثار المحيطة بها، يمكن للباحثين تقديم إجابات حول أسئلة أنثروبولوجية وحضارية مهمة، مثل كيفية تعامل المصريين القدماء مع الجثث المحنطة وأسباب إعادة دفن بعض التوابيت. بالإضافة إلى ذلك، توفر هذه الاكتشافات فرصة لدراسة التقنيات الجنائزية المتقدمة التي استخدمها الفراعنة في تلك الفترات الزمنية، مما يسهم في تعزيز فهمنا للثقافة والتاريخ المصري بشكل أوسع.
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية