في الأشهر الأخيرة، اجتاح TikTok وسم مثير للقلق يحمل اسم #SkinnyTok، يتضمن محتوى يحثّ على تقليص الطعام بشكل متطرف واتباع أنظمة غذائية قاسية، ما دفع خبراء التغذية والصحة النفسية إلى دق ناقوس الخطر بشأن التأثيرات السلبية على الصحة الجسدية والعقلية، خصوصًا لدى الفتيات الشابات. ,يتم تداول عبارات مثل: “أنت لست قبيحة، أنت فقط سمينة”، و”معدتك لا تقرقر، بل تصفق لك”، و”متعة مؤقتة، ندم أبدي”، والتي تعزز بشكل غير مباشر صورة غير واقعية ومؤذية للجسم المثالي. هذا التوجه يعيد إلى الأذهان حركة “pro-ana” التي انتشرت عبر الإنترنت في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، والتي كانت تروّج لفقدان الشهية العصبي كخيار إرادي.
في هذا الإطار، بحسب الدكتور بيار ديشلوت، أستاذ التغذية في مستشفى جامعة روان، فإن “الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات غذائية يصبحون سفراء لسوء التغذية”، إذ يروّجون لسلوكيات مدمّرة كأنها نمط حياة مثالي. ويضيف الدكتور أوغو ساودي، المتخصص في الاضطرابات الغذائية، أن “هؤلاء يطلقون تعليقات صادمة ومهينة تزرع مشاعر الخزي لدى من يتابعونهم، خصوصاً المراهقين والمراهقات”.
في هذا السياق، تقول شارلين بيغيس، ممرضة متخصصة في اضطرابات الأكل، إنها تستقبل يوميًا فتيات مراهقات يبكين ويخبرنها أنهنّ يقضين ساعات في مشاهدة هذه المقاطع، ما دفعها لإطلاق عريضة تحذيرية للسلطات العامة. وأضافت بيغيس: “وسائل التواصل الاجتماعي جعلت من الصعب تجاهل هذه المشكلة. عدم التحرك لم يعد خيارًا”. إثر تحذيرها، تواصلت وزيرة الشؤون الرقمية الفرنسية كلارا شاباز مع الهيئات المختصة، مؤكدة أن الحكومة “لن تسمح للمنصات بالتنصل من مسؤولياتها”.
كما اتهم متخصصون خوارزمية TikTok بتكريس هذا النوع من المحتوى من خلال حبس المستخدمين داخل “فقاعات” من الفيديوهات المشابهة، ما يؤدي إلى تفاقم الهوس بصورة الجسم.
ويؤكد ديشلوت: “من يرى منشورًا واحدًا مؤيدًا لفقدان الشهية، سواء عن قصد أو لا، قد يجد نفسه وسط سلسلة من المحتوى الضار”.
والجدير بالذكر أنّ اضطرابات الأكل لا تُشفى بين ليلة وضحاها، وتحتاج إلى سنوات من العلاج والمتابعة. تقول اختصاصية التغذية آن لور لارات: “هذا المحتوى قد يُدمّر سنوات من التعافي في لحظات قليلة”. وتشكل هذه الاضطرابات ثاني أسباب الوفاة المبكرة لدى الشباب بين 15 و24 عامًا، بحسب هيئة التأمين الصحي الفرنسية.
وبالتالي، شددت شارلين بويغ، التي تدير صفحة على إنستغرام باسم aucoeurdestca، على خطورة الترويج لسوء التغذية، قائلة: “يتم تمجيد التقيؤ الذاتي، وتحصد الفيديوهات ملايين المشاهدات رغم أنها تهدد حياة الفتيات بخطر السكتة القلبية”.
ومنذ أزمة كوفيد، ازدادت طلبات العلاج من اضطرابات الأكل بشكل حاد، فيما لا تزال القدرة الاستيعابية للرعاية الصحية محدودة، مع فترات انتظار تمتد إلى أشهر.
ورغم أن TikTok أدرج رسالة تحذيرية مخفية عند البحث عن وسم #skinnytok، ترى بويغ أن ذلك غير كافٍ، وغالبًا ما تنصح مريضاتها بحذف التطبيق كليًا. وتختم بقولها: “قالت لي إحدى المريضات: شارلين، لقد استمعت إليك… وعدت إلى الحياة من جديد”.
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية.









