مع اشتداد موجات الحر حول العالم وارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية، أصبح البحث عن طرق مبتكرة لجعل المساكن أكثر برودة وراحة أمرًا ضروريًا. وفي هذا السياق، بدأ المهندسون المعماريون يستلهمون الحلول التقليدية القديمة من العمارة التراثية، التي اعتمدت على التصميم الذكي للتهوية الطبيعية، الظل، والمياه لتخفيف حرارة المباني، وذلك بهدف توفير بيئة معيشية مريحة ومستدامة دون الاعتماد الكامل على التكنولوجيا الحديثة أو التكييف الصناعي.
مع تزايد درجات الحرارة العالمية واشتداد موجات الحر، بدأ المهندسون المعماريون يتوجهون نحو استلهام الحلول القديمة في تصميم المساكن للتكيف مع الحرارة الشديدة، معتمدين على العمارة التراثية التي توفر برودة طبيعية وراحة دون الاعتماد المفرط على التكنولوجيا الحديثة. فالأفنية الداخلية والشرفات المزروعة والنوافير والمياه الجوفية كانت تقليديًا وسائل فعّالة لتخفيف حرارة المباني، ويُعاد اليوم توظيف هذه الأفكار في مشاريع حديثة حول العالم.
تُظهر الأمثلة التاريخية مثل الرياض المغربي والمنازل الرومانية وفلل بروفانس الفرنسية والمساكن العثمانية قدرة العمارة التقليدية على خلق بيئات داخلية معتدلة الحرارة، حيث توفر الأفنية الداخلية الظل وتسمح للهواء بالتحرك بحرية، بينما تسهم النباتات والمياه في خفض درجات الحرارة المحيطة. بالإضافة إلى ذلك، استخدمت بعض الشعوب القديمة، خصوصًا في إيران، أبراج الرياح وأنظمة التهوية الطبيعية لتبريد المساكن دون الحاجة إلى كهرباء أو وقود، وهو ما يعكس ذكاء التصاميم التقليدية في التعامل مع المناخ المحلي.
تشير المهندسة المعمارية كريستيانا مازوني، المتخصصة بدراسة العمارة على طول طرق الحرير القديمة، إلى أن العودة إلى هذه الخبرات التقليدية تمثل “تجديدًا للفكر” في مواجهة تحديات الاحترار العالمي. وفي باريس، على سبيل المثال، صمم المهندس الإيطالي رينزو بيانو فناءً داخليًا واسعًا في حي شعبي عام 1991، ما ساعد السكان على الشعور بالبرودة حتى خلال أشد فترات الحر، فيما استخدمت المهندسة فرنسواز إيلين جوردا أساليب مشابهة في مشروعها لترميم قاعة باجول، بما في ذلك جمع مياه الأمطار وتركيب ألواح شمسية وبئر كندية للاستفادة من درجة حرارة الأرض في التهوية.
ويرى المهندسون أن استخدام هذه الحلول التقليدية لا يعني التراجع عن الحداثة، بل يمثل دمج المعرفة القديمة مع الابتكار المعاصر لإيجاد بيئات معيشية مستدامة ومريحة، خاصة في ظل محدودية الموارد الطبيعية وارتفاع تكاليف الطاقة. وبينما تختلف الأساليب القديمة بحسب المناخ والموقع، فإن المبادئ العامة مثل الظل، والتهوية الطبيعية، واستخدام المواد العازلة تظل أدوات فعّالة للتخفيف من الحرارة وتحسين جودة الحياة في المدن الحديثة.
يؤكد الخبراء أن التحدي يكمن في تكييف هذه المعارف التقليدية لتتلاءم مع احتياجات العصر الحديث، بحيث يمكن للمباني الجديدة والمجددة أن توفر الراحة الحرارية مع الحفاظ على الكفاءة الطاقية والجمالية المعمارية، مستفيدين من حكمة الأجيال السابقة في تصميم مساحات تواكب الطبيعة بدلًا من مقاومتها.
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية.









