مع مرور ثمانية عقود على نهاية الحرب العالمية الثانية، تستمر جهود العلماء والباحثين في الكشف عن أسرار تلك الفترة العصيبة من التاريخ. وفي اكتشاف جديد يعيد إحياء ماضي الصراعات البحرية، نجح فريق بحث علمي تابع لمنظمة “أوشن إكسبلوريشن تراست” في العثور على حطام مدمرة يابانية غرقت خلال المعارك التي شهدها المحيط الهادئ، ما يعزز فهمنا لتفاصيل الحرب وتاريخ البحار العميقة.
في التفاصيل، المدمرة، المعروفة باسم “تيروزوكي” والتي تعني “قمر ساطع” باللغة اليابانية، كانت تابعة للبحرية الإمبراطورية اليابانية ويبلغ طولها 134 متراً. وقد تم وضعها في الخدمة عام 1942، خلال واحدة من أكثر فترات الحرب ضراوة في المحيط الهادئ، وكان الهدف من تصميمها هو حماية حاملات الطائرات من الهجمات الجوية.
لكن “تيروزوكي” لم تلبث طويلاً في الخدمة، إذ أغرقتها صواريخ طربيد أطلقتها قوات البحرية الأميركية بعد بضعة أشهر فقط من دخولها ساحة المعركة. ورغم قوة الانفجار، نجا معظم أفراد طاقمها، بينما لقي تسعة منهم حتفهم، بحسب ما أفادت به المنظمة.
والفريق استخدم تقنيات متقدمة تشمل طائرات مسيرة تحت الماء مزودة بكاميرات عالية الدقة وجهاز سونار متطور، سمح له بالكشف عن الحطام الواقع على عمق نحو 800 متر. وتم العثور على الجزء الخلفي للمدمرة على بُعد أكثر من 200 متر من هيكلها الأساسي، ما يشير إلى شدة الانفجار الذي أدى إلى غرقها.
ويُظهر مقطع فيديو نشرته المنظمة لحظات مذهلة من قاع البحر، حيث تُضيء المسيرات تحت الماء أجزاء من الحطام، بما في ذلك المدافع الصدئة، الطلاء الأحمر المتآكل على الهيكل، وجزءًا خلفيًا ضخمًا يبدو مفصولًا عن السفينة الرئيسية.
وقالت المنظمة إن هذا الاكتشاف جزء من مهمة علمية تهدف إلى توثيق مواقع الحطام البحري في أعماق المحيط الهادئ، والتي تشهد على حقبة تاريخية حافلة بالصراعات، ومن شأنها أن تسهم في فهم أعمق لتفاصيل الحرب البحرية خلال القرن العشرين. وهذا الإنجاز العلمي يُعد خطوة مهمة في مجال علم الآثار البحرية، ويبرز الدور الحيوي للتقنيات الحديثة في استكشاف أعماق البحار، والحفاظ على الذاكرة التاريخية للبشرية.
يمثل هذا الاكتشاف العلمي الجديد شهادة حية على أحداث الحرب العالمية الثانية وتفاصيلها البحرية، ويعزز من أهمية حفظ التاريخ البحري والحفاظ على المواقع الأثرية تحت سطح البحار. كما يؤكد على الدور الكبير الذي تلعبه التكنولوجيا الحديثة في الكشف عن أسرار الماضي، مما يفتح آفاقًا جديدة أمام الباحثين والمؤرخين لفهم أعمق للصراعات التي شكلت العالم الحديث. وستظل مواقع الحطام هذه تذكيرًا دائمًا بالتضحيات التي بذلها آلاف البحارة خلال فترة من أصعب فصول التاريخ الإنساني.
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية.









