السانتور الكشميري، آلة موسيقية ذات مئة وتر تُعزف بالمطارق، ليست مجرد أداة لإصدار الألحان، بل رمز حي لهوية كشمير الثقافية وتاريخها الموسيقي العريق. بصوتها الساحر الذي يشيع الطمأنينة، تحمل هذه الآلة بين أوتارها قرونًا من التقاليد، وتروي حكاية حرفة يدوية تناقلتها أجيال طويلة من الحرفيين المحليين، حتى وصلت إلى آخر صانع يقوم بتحضيرها يدويًا اليوم في قلب سريناغار.في قلب سريناغار، يواصل غلام محمد زاز، البالغ 78 عامًا، صناعة السانتور يدويًا في مشغل متواضع يعبق برائحة الخشب. زاز، الذي ينتمي إلى عائلة مارست هذه الحرفة لثمانية أجيال، هو اليوم آخر صانع لهذه الآلة في المنطقة. ويعمل ببطء وإتقان، معيدًا إلى الأذهان تقاليد قرون من صناعة السانتور.
وقال زاز بالكشميرية: “عملت سبعة أجيال وأنا الجيل الثامن. ليس هناك أي ضمانة بأن يواصل أحد هذا العمل من بعدي”. ويصنع زاز نحو 8 إلى 10 آلات سنويًا، يبيع كل واحدة منها بحوالي 50 ألف روبية (565 دولارًا)، ويشير إلى أن اختيار النوع المناسب من الخشب يشكل أحد أصعب مراحل العمل.
تاريخيًا، وصل السانتور إلى كشمير عبر الفنانين الإيرانيين الذين جاؤوا للمنطقة وغنوا بالفارسية، ما مهد الطريق لدمج هذه الآلة في الموسيقى المحلية. في خمسينات القرن الماضي، أدخل العازف الهندي الشهير شيفكومار شارما السانتور في الموسيقى الكلاسيكية، ما ساعد على انتشارها في أنحاء الهند وتحويلها من أداة صوفية إلى رمز موسيقي كلاسيكي مشهور.
لكن الحرفة التقليدية تواجه تحديات كبيرة مع انتشار الآلات الغربية وأنواع الموسيقى العالمية، ما أدى إلى تراجع عدد الزبائن وتهديد استمرار المهنة العائلية. ومع ذلك، يبيع زاز آلاته في كشمير ويستقبل طلبات من أوروبا والشرق الأوسط، وهو يأمل في أن ينجح جيل جديد من العازفين الشباب في تعلم العزف على الآلات التقليدية، ما قد يمنح هذه الحرفة القديمة فرصة للبقاء.
يظل السانتور أكثر من مجرد آلة؛ فهو جسر بين الماضي والحاضر، رمز للهوية الموسيقية الكشميرية، ونافذة على تاريخ طويل من الإبداع والحرفية التي تسكن خشب كل وتر، وتبقى على قيد الحياة بيد آخر صانع يجسد هذا الإرث العريق.
ختاماً، يبقى السانتور أكثر من مجرد آلة موسيقية؛ فهو رمز للهوية الكشميرية وجسر يربط بين الماضي والحاضر. ومع تراجع عدد الحرفيين التقليديين وظهور التحديات المعاصرة، يصبح استمرار هذه الحرفة في يد آخر صانعين مثل غلام محمد زاز مسألة حيوية للحفاظ على إرث ثقافي غارق في التاريخ. وفي ظل بروز جيل جديد من العازفين الشباب، يلوح الأمل في أن تبقى أصوات هذه الآلة الساحرة تتردد في أرجاء كشمير، حاملة معها تراثًا موسيقيًا لا يقدر بثمن.
المصدر: Info3
https://info3.com/world-music/246495/text/full/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B4%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%8A-%D8%A2%D9%84%D8%A9-%D8%AA%D9%82%D9%84%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%AC%D9%87-%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B5%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AB
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية.









