تناولت اختصاصية التغذية الشاملة والمتخصصة في الصحة العامة، مونيك حلو، في حلقة اليوم من برنامجها “عيشها صح” عبر إذاعة أغاني أغاني (87.9 FM) موضوع حول أهمية الموسيقى وفوائد العلاج بالموسيقى وذلك خلال استضافتها معالجة النطق واللغة والمعالجة الموسيقية والمدرّسة الجامعية والحائزة على ماجستير في هذا الإختصاص ماريلين الخوري.
في التفاصيل، عرّفت ماريلين الخوري العلاج بالموسيقى على أنّه نوع من العلاج الذي يُبنى على مجموعة من الأهداف، التي قد تكون فاعلة (نشطة) أو تقبّلية (استقبالية)، وذلك بحسب حالة المريض واحتياجاته الخاصة.
يرتكز العلاج بالموسيقى على أهداف متعددة، من بينها: تعزيز التواصل، التعبير من خلال الحركة، التعبير الصوتي، تنمية التركيز والذاكرة. ويُطبّق هذا النوع من العلاج على مختلف الفئات العمرية، من الأطفال إلى كبار السن. كما يمكن تنفيذ جلسات العلاج بالموسيقى في المستشفيات، أو في الطبيعة ضمن أجواء مريحة. وفي نهاية كل جلسة، يُعبّر المريض عن مشاعره تجاه الأنشطة التي شارك فيها، ومشاركة ما يشعر به إثر هذه التجربة.
كذلك، كشفت ماريلين أنّ التمارين العلاجية تعتمد على استخدام الآلات الموسيقية الإيقاعية وأدوات أخرى متنوعة، حيث نركّز على الإيقاعات المختلفة. وفي هذا الإطار قالت ماريلين:”نستخدم صوتنا كوسيلة للتعبير، إضافة إلى الموسيقى المسجّلة التي تتنوّع بأنماطها، مع التأكيد على أن الموسيقى المستخدمة في جلسات العلاج تكون بدون كلمات، بل موسيقى صافية.”
وتابعت:” من المهم أن نذكر أن الفئات التي تستفيد من هذا النوع من العلاج تشمل الأشخاص الذين يعانون من الخرف، أو من أمراض نفسية، أو اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)، أو التوحّد، إضافة إلى الأطفال الخدّج في الحاضنات، والنساء الحوامل. ويمكن أن يكون العلاج جماعي أو فردي، وذلك بحسب حالة الشخص واحتياجاته.”
من جهتها، أشارت مونيك الحلو إلى الدور الحيوي للموسيقى في دعم صحة الإنسان، وتحدثت عن عدد من الدراسات التي تسلّط الضوء على فوائدها المتعددة وقالت:” الموسيقى هي لغة يفهمها الجميع، فصوتها قادر على الوصول إلى كل قلب، والتأثير في كل خلية من خلايا الجسم. كما أن لها قدرة علاجية مثبتة ومدروسة، تدعمها أهم الأبحاث العلمية. فهي تؤثر على الدماغ والذاكرة، إذ أظهرت دراسات من جامعة “جون هوبكنز” أن الاستماع إلى الموسيقى يُنشّط أكثر من عشر مناطق في الدماغ مع مرور الوقت.”
أيضًا أكدّت على وجود دراسة نُشرت عام 2008، تُبيّن أن المرضى الذين استمعوا إلى الموسيقى يوميًا بعد إصابتهم بجلطة دماغية شهدوا تحسنًا في ذاكرتهم وسرعة أكبر في التعافي، مقارنةً بمن لم يستمعوا إليها. كذلك، أظهرت الموسيقى الكلاسيكية، مثل مؤلفات موزارت، فاعلية أكبر في تحسين الأداء العقلي مقارنة بالهدوء التام أو الضوضاء. أما في حالة مرضى الألزهايمر، فقد تساعد الموسيقى في استرجاع الذكريات وتعزيز التواصل العاطفي.
وأوضحت أنّه في مستشفيات مثل هارفارد وجون هوبكنز، يتم استخدام الموسيقى قبل العمليات الجراحية وبعدها، بهدف التخفيف من الألم والقلق. وقد أثبتت دراسات سريرية أن الموسيقى تساهم في تقليل الحاجة إلى الأدوية المهدئة ومسكنات الألم.
كما أظهرت دراسة نُشرت عام 2011 أن الموسيقى ساعدت مرضى السرطان على تحمّل الألم بشكل ملحوظ، وقللت من مستويات القلق لديهم. ومع ذلك، من المهم الانتباه إلى أن الموسيقى الحزينة أو الحنين السلبي قد يؤدي إلى تدهور الحالة النفسية، خصوصًا لدى الأشخاص المعرّضين للاكتئاب.
من جهة أخرى، بيّنت دراسة أجريت عام 2013 أن الاستماع إلى موسيقى هادئة ومتكررة قبل التعرّض لموقف يسبّب التوتر يساهم في زيادة إفراز الدوبامين، ويخفض مستويات الكورتيزول، ويحفّز إنتاج السيروتونين، ما يشكّل وصفة فعالة مضادة للتوتر والاكتئاب.
أظهرت دراسة أُجريت عام 2012 أن جلسات العزف الجماعي على الطبلة ساهمت في تحسين المزاج والتقليل من الشعور بالعزلة الاجتماعية. كما كشف تحليل أُجري عام 2022 لأكثر من 20 دراسة، أن الموسيقى تساهم بشكل ملحوظ في تحسين جودة النوم، خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من الأرق المزمن.
إلى جانب ذلك، فإن الأغاني الجماعية، سواء كانت وطنية أو دينية، تساهم في تعزيز الشعور بالانتماء والتواصل، فهي تقرّبنا من أنفسنا ومن الآخرين. حتى الأطفال الرضّع يتفاعلون مع الإيقاع قبل أن يتمكنوا من الكلام.
وخُتمت الحلقة بالتأكيد على أنّ العلاج بالموسيقى يُستخدم في المستشفيات، ومراكز إعادة التأهيل، وأقسام الأطفال، حيث يساعد في استعادة النطق، وتحمّل الألم، وتحسين الحالة النفسية. ويمكن دمج الموسيقى في حياتنا اليومية، سواء أثناء ممارسة الرياضة، أو العمل، أو حتى أثناء القيام بالأعمال المنزلية.
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية.









