إليسا رئيسة تحرير عدد اليوم من "النهار" في صفحات مليئة بالإنسانية والأمل رغم الألم!

16:04
30-01-2020
أميرة عباس
إليسا رئيسة تحرير عدد اليوم من "النهار" في صفحات مليئة بالإنسانية والأمل رغم الألم!

تمّ اليوم إصدار العدد الإستثنائي المنتظر من صحيفة النهار اللبنانية برئاسة تحرير ملكة الإحساس إليسا تحت عنوان "نقطة ضوء" مثلما كان قد أُعلنِ منذ عدة أيام.

جاء هذا العدد بِسِمَة مختلفة على كافة الصُّعُد فمن جهة تولّت إليسا مهمة رئاسة التحرير للمرة الأولى، ومن جهة أخرى تضمّنت صفحات هذا العدد قصصاً إنسانية ملهمةً من لبنان والعالم العربي ليكون أشبه بمكتبة ورقيّة في داخلها جميع هذه القصص أبرزها قصة إليسا مع مرض السرطان وقصة رئيسة جريدة النهار نايلة تويني التي فقدت والدها الصحفي جبران تويني بإنفجار إستهدفه.

إختارت ملكة الإحساس إفتتاح عدد "نقطة ضوء" بكلمات مؤثّرة روَت منن خلالها قصتها مع السرطان لغاية شفائها منه حيث كتبت ما يلي: "وقالوا سعيدة في حياتها… يوم غنّيتُ عكس اللي شايفينها، لامني كثرٌ كما لو أنّ الفنان أو الشخصية العامة لا يعيش ألماً أو انكساراً، ولا يجلس وحيداً، ولا يشعر بأنّ الحياة تقسو عليه. خلال فترة تصويري الكليب، لم أكن على علم بأنّني سأواجه مرض السرطان بعده بأشهر، لكنَّ العوارض كانت ترهقني من دون أن أدرك. كنتُ قد خضعت قبل ذلك لبعض الفحوص والإجراءات الطبية، سببها ارتفاع كبير في التوتّر والقلق، نتيجة تراكمات حياتية يومية وبعض المشكلات في المحيط. تبيّن في النتيجة أنّ هذا الارتفاع الكبير في التوتّر ترافق مع تراجع في صحتي، ليثبت أن المرض الجسديّ له عوامل نفسية كثيرة ومتشعّبة. مضت هذه الفترة بهدوء، قبل أن أجري الفحص الروتينيّ للكشف على سرطان الثدي، ويطلب الطبيب فحوصاً إضافية. النتيجة معلومة من الجميع، برغم قسوتها.
أنتِ مصابة بالسرطان… لمتُ الطبيب كثيراً على هذه القسوة والنبرة المزعجة التي أبلغني الخبر بها، كأنه لا يعير أي اهتمام للمشاعر أو لما يدور في بال الشخص الذي يتلقى الخبر كالصاعقة. عندها، فكّرت كثيراً بكل ما يمكن أن يخطر في بال أي إنسان. هل أقول لأمي؟ ماذا سيحلّ بأخوتي وأخواتي؟ هل أخبر الناس؟ ماذا أفعل بألبومي؟ ماذا أفعل بعملي؟ هل لا يزال هناك سببٌ لاستكمال العمل؟
هذه هي خلاصة اليأس. أن تجول في فكرك كلّ الأفكار والعوامل الخارجية والداخلية، من دون أن يكون لديك أي جواب عن أي منها، كما لو أنك فقدت الاتصال بكلّ ما يربطك بالحياة.
بعد أشهر من الانتصار والتغلُّب على المرض، أصبحت روايتي احتفالية. أخبرتُ الجميع وشكرت “كل اللي بيحبوني”، مدركة أنّها قد لا تكون آخر المعارك الصعبة، لكن متيقّنة من أنني بانتصاري عليها، انتصرتُ سلفاً على الأصعب.
العبرة من هذه القصة ببساطة هي أنَّ اليأس هو الذي أتى بالمرض إليّ، والأمل هو الذي أخذه وعالجني. أتدركون الآن أهمية عبارة “ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل” التي كنا مرغمين على حفظها في المدرسة، واستخدامها في التعبير الكتابيّ، من دون أن نفهم معناها؟ إنها الحياة التي تعلمنا ذلك.
لا أخفي أنّه كان من الصعب تخطّي هذا الموضوع، وهذا أمرٌ طبيعي جداً. مشاكلنا الصغيرة في الحياة اليومية لا يمكن تخطّيها، فكيف بالمشكلات الأكبر والأكثر تشعباً؟"

كما وجّهت إليسا كلمة إلى كل مَن شارك بقصته في هذا العدد من الصحيفة فكتبت:"أتوجّه هنا إلى جميع الذين شاركوا رواياتهم في هذا العدد من “النهار”، لأنهم خطّوا الخطوة الأولى باتّجاه إراحة أنفسهم واستعادة الأمل، أي البوح. لا تدعم المنظمات الدولية حقّ الإنسان بالعلاج النفسي عن عبث، فهي تدرك أهمية أن يتحدث أي شخص عن معاناته ليرتاح منها بالعلاج والكلام. عندما نُشارك، نقسم الحمل اثنين، وعندما نقسمه لا نحمله وحدنا، من دون أن نُتعب الآخرين أيضاً. حان الوقت لنخلع هذه الأفكار الموروثة عن الطب النفسيّ الذي يحصره المجتمع بـ”المجانين”، وحان الوقت لنوقف تعييب الكلام والدمع على الرجل أو الشخص صاحب المنصب.
هذا العدد مع “النهار” هو بداية الأمل لكل مَن شارك قصته. ما تعيشه عاشه كثيرون قبلك. ربما عاشوا أسوأ وتخطّوه، فما حجّتك أنتَ لتضعف بهذا الشكل؟ تستحق حياةً أفضل في كلّ الحالات، وهذا ما عليكم جميعاً أخذ القرارات به اليوم."

ختمت إليسا كلمتها بالتالي:"هذا العدد من النهار، الذي يحمل عنوان “نقطة ضوء”، إنسانيّ، استثنائيّ، حقيقيّ، مجبول بصدق كلماتكم. يستحقّ أن نقرأه جميعاً ونتعلّم منه ونحتفظ به في المكتبات الشخصية، لأن تجاربكم تعطينا دروساً في الأمل. أوقّع اسمي اليوم مع “النهار” المرموقة التي مرّت عليها تسعة عقود من الصحافة والحرية ونسيم الاستقلال المتكرّر في لبنان، والتي أسّسها وبناها واستمر فيها أهم من عاش في الصحافة والسياسة في لبنان والمشرق العربي. تحية إلى جبران وغسان وجبران تويني، وكل الاحترام لنايلة تويني وكل أسرة المؤسسة. أوقّع اسمي إلى جانبكم بخجل اليوم، وأشكركم على إعادة الأمل في هذه الأزمنة السوداء، فنحن شعب لا يعيش إلا على أمل…".

 

إلى جانب ذلك، أجرى الزميل في جريدة النهار الصحفي جورج موسى حواراً مع إليسا فيه الكثير من البوْح عن المرض والخوف والأمومة والوحدة والوطن كما تطلق خلاله مواقف سياسية، ففي هذا الحوار صرّحت إليسا أنها في حال ستختار عنواناً لقصة حياتها سيكون "صاحبة رأي"، وحينما سُئلت عن ذكر خمس أشخاص شاركوها مرحلة مرضها أَبَتْ إليسا تعدادهم منوّهة إلى أنّه من بينهم أفراد سبّبوا لها حزناً أوْصلها لهذا المرض. كما أكّدت على أنها لا تشعر بالوحدة وإستذكرت والدها الراحل مشيدةً بثقافته العالية. وعن الوطن صرّحت إليسا بالقول:"لبنان بدّو علاج كيماوي بس رح يتعالج بالنهاية".

علماً أنّ إليسا كتبت تغريدة تويترية وصفت من خلالها تجربتها مع صدور هذا العدد وجاء فيها:"كتير فخورة بتجربة يللي كنت فيها رئيسة تحرير صحيفة عريقة متل النهار. هيدي تجربة رائعة رح تعلّم بحياتي متل ما كل القصص بالعدد علّمت بأصحابها، وبالناس اللي قريوها اليوم. انشالله نكون استفدنا من تجارب بعض لتكون هالخطوة فعلا نقطة ضو".