الاستغناء عن الأملاح يجدد نشاط الكلى
كشفت دراسة قام بها باحثون من جامعة جنوب كاليفورنيا في الولايات المتحدة أنه يمكن أن يؤدي الاستغناء عن الأملاح والتخلص من السوائل الزائدة في الجسم إلى تحفيز عمليات تجديد الكلى وإصلاحها.
في التفاصيل، أظهرت نتائج الدراسة المنشورة في «جورنال أوف كلينيكال إنفيستيجيشين» (Journal of Clinical Investigation) أن هذه الاستجابة الفطرية والذاتية ترتكز على مجموعة صغيرة من خلايا الكلى التي تتواجد في منطقة تعرف باسم «البقعة الكثيفة» (MD)، إذ يمكنها استشعار مستويات الأملاح والتحكُّم في عمليات ترشيحها، بالإضافة إلى دورها في إفراز الهرمونات، والوظائف الرئيسية الأخرى لهذا العضو الحيوي.
من جهته، قال بيتي بيتردي، وهو أستاذ علم وظائف الأعضاء وعلم الأعصاب في كلية كيك للطب في جامعة جنوب كاليفورنيا: "لا يوجد علاج حالياً لهذا المرض الصامت. وبحلول الوقت الذي يتم فيه تشخيصه، تكون الكلى قد تعرضت لأضرار لا رجعة فيها، لتحتاج في النهاية إلى علاجات بديلة، مثل غسل أو زرع الكلى".
وتابع بيتردي الذي قاد الدراسة، لموقع الجامعة "نسعى إلى إيجاد علاج لمرض الكلى، فهو وباء عالمي متزايد يؤثر على واحد من كل 7 بالغين، وهو ما يعني 850 مليون مريض في جميع أنحاء العالم".
وفي سياق الدراسة، اتبع بيتي بيتردي والباحثة الأولى للدراسة الدكتورة جورجينا جيارماتي وزملاؤهما نهجاً غير تقليدي، وبدلاً من دراسة كيفية فشل الكلى المريضة في التجدد، ركز العلماء على كيفية تطور الكلى السليمة.
في هذا الإطار، قال بيتردي: "طورت الطيور والثدييات خلايا البقعة الكثيفة التي تُعد البنية الكلوية الأكبر والأكثر كفاءة، للحفاظ على نفسها والتكيف مع الظروف البيئية، ولضمان البقاء على قيد الحياة، وهذه هي الآليات التي نستهدفها ونحاول محاكاتها في منهجنا البحثي الجديد".
وعلى الصعيد التطبيقي، مع أخذ هذا التاريخ التطوري في عين الاعتبار، قام فريق البحث بإطعام الفئران في المختبر نظاماً غذائياً منخفض الملح جداً، إلى جانب إعطائها دواءً شائعاً يسمى علمياً بـ«مثبط الإنزيم المحول للأنجيوتنسين» والذي أدى إلى انخفاض مستويات الملح بالجسم.
في التفاصيل، اتبعت الفئران هذا النظام لمدة تصل إلى أسبوعين فقط، لأن الأنظمة الغذائية منخفضة الملح للغاية يمكن أن تسبب مشاكل صحية خطيرة إذا استمرت على المدى الطويل.
وكنتيجة، لاحظ الباحثون نشاطاً متجدداً في منطقة البقعة الكثيفة، ويمكنهم منعه والتحكم فيه عن طريق إعطاء أدوية تتداخل مع الإشارات المرسلة منها، وهو ما يؤكد الدور الرئيسي الذي تلعبه تلك المنطقة (منطقة البقعة الكثيفة) في تنظيم عملية التجديد بالكلى.
بالإضافة إلى ذلك، حددوا كلاً من الخصائص الجينية والهيكلية لتلك المنطقة، التي كانت مشابهة بشكل مدهش للخلايا العصبية، وما توصّل إليه الباحثون، اكتشافاً مثيراً للاهتمام، لأن الخلايا العصبية تلعب دوراً رئيسياً مشابهاً في تنظيم عملية تجديد الأعضاء الأخرى، مثل الجلد».
كما استطاع باحثو الدراسة أيضاً رصد إشارات محددة من جينات معينة تلعب دوراً حيوياً في تجديد خلايا الكلى، ووجدوا أنه يمكن تعزيز هذه الإشارات عن طريق اتباع نظام غذائي قليل الملح لتجديد بنية الكلى ووظيفتها.
وفي إطار اختبار الإمكانات العلاجية لهذه الاكتشافات، قام العلماء بعلاج الفئران المصابة بنوع معين من مرض الكلى المزمن، بخلايا البقعة الكثيفة المزروعة مع مستويات منخفضة الملح، حيث أدى العلاج إلى تحقيق تحسُّن كبير في بنية الكلى ووظيفتها. وهو ما علَّق عليه بيتي بيتردي، إّ قال "إننا نشعر بقوة بأهمية هذا الأسلوب البحثي الجديد في التفكير بإصلاح الكلى وتجديدها»، وشدّد على أنهم "واثقون تماماً بأن هذا الأمر سينتهي قريباً بنهج علاجي قوي وجديد للغاية".
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية