حذرت دراسة حديثة من الارتفاع المتسارع في استهلاك الشباب للأطعمة فائقة المعالجة، مؤكدة أن هذا النمط الغذائي بات يشكل خطراً مباشراً على صحتهم الاستقلابية ويزيد بشكل واضح من احتمالات الإصابة بمرحلة ما قبل السكري واضطرابات تنظيم الغلوكوز. الدراسة، التي نقلت نتائجها صحيفة «إندبندنت» البريطانية، سلطت الضوء على التأثير العميق للوجبات السريعة والمشروبات الغازية والوجبات الخفيفة المحلاة على الفئات الأصغر سناً، محذرة من أن هذه الاختيارات اليومية قد تصبح مدخلاً مبكراً لإصابة أجيال كاملة بمرض السكري.
وأوضحت الدراسة أن الأطعمة فائقة المعالجة – وتشمل الوجبات السريعة، والمقرمشات المعبأة، والمشروبات السكرية، والحلويات – تشكل عاملاً رئيسياً في ارتفاع مستويات السكر في الدم لدى الشباب، إذ ترتبط بشكل مباشر بظهور مؤشرات مبكرة تنذر بتطور مرض السكري لاحقاً.
وتشير الأرقام إلى أن هذه الأطعمة تشكل نحو نصف استهلاك الفرد البالغ في المملكة المتحدة، بينما ترتفع النسبة لدى المراهقين إلى ما يقرب من ثلثي نظامهم الغذائي اليومي، مما يبرز حجم المشكلة واتساعها.
وقالت الدكتورة فايا ليدا تشاتزي، المشرفة الرئيسية على الدراسة، إن «مرحلة الشباب هي لحظة مفصلية في تشكيل مسار الصحة المستقبلية»، مشددة على أن التدخل المبكر والخيارات الغذائية الواعية يمكن أن يحدثا فارقاً كبيراً في تجنب الأمراض المزمنة.
وأوضحت أن دراسة فريقها صنفت الأنماط الغذائية إلى مجموعتين: أطعمة غير فائقة المعالجة، وأخرى فائقة المعالجة تضم الحبوب الجاهزة والمشروبات المحلاة والمأكولات الدهنية القابلة للدهن والزبادي المنكّه.
وبتحليل البيانات الغذائية، تبيّن أن زيادة استهلاك هذه الأطعمة بنسبة 10% فقط ترتبط بارتفاع مذهل في المخاطر الصحية: فاحتمالات الإصابة بمرحلة ما قبل السكري ترتفع بنسبة 64%، بينما تزيد مخاطر اضطراب تنظيم الغلوكوز بنسبة 56% لدى الفئات الأكثر تناولاً لها.
وأشارت تشاتزي إلى أن النتائج تكشف تأثيراً مباشراً وسريعاً لهذه المنتجات في إضعاف قدرة الجسم على التعامل مع الغلوكوز، خصوصاً لدى الشباب الذين يعانون من السمنة أو زيادة الوزن.
كما رصد الباحثون علاقة واضحة بين الاستهلاك المرتفع للأطعمة فائقة المعالجة وزيادة احتمالات الإصابة بمقاومة الإنسولين، وهي حالة يصبح فيها الجسم أقل استجابة لهرمون الإنسولين، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم ويهيئ لظهور السكري من النوع الثاني.
وتُعد مقاومة الإنسولين علامة تحذيرية مبكرة ومؤشراً قوياً على تدهور الصحة الاستقلابية.
وتعرّف مرحلة ما قبل السكري بأنها حالة تتجاوز فيها مستويات الغلوكوز الحدود الطبيعية دون الوصول إلى مستوى التشخيص الرسمي للسكري من النوع الثاني.
وتشير تقديرات مؤسسة «ديابيتس يو كي» إلى أن واحداً من كل خمسة بالغين في البلاد يعيشون حالياً إما مع السكري أو في المرحلة التي تسبقه.
ورغم خطورة هذه الأرقام، تؤكد المؤسسة أن الوقاية لا تزال ممكنة. ويقول الدكتور دوغلاس توينيفور، رئيس القسم الطبي فيها: «يعتقد الكثيرون أن انتقال مرحلة ما قبل السكري إلى السكري أمر لا مفر منه، لكن الأدلة تثبت العكس».
ويوضح أن تبني خيارات غذائية صحية، وزيادة النشاط البدني، والحصول على دعم طبي مبكر، يمكن أن يمنع حدوث المرض أو يؤخره بشكل كبير.
وتسلط الدراسة الضوء على الحاجة الماسة إلى استراتيجيات وطنية تهدف إلى تحسين أنماط تغذية الشباب، بما في ذلك زيادة الوعي بآثار الأطعمة فائقة المعالجة، ودعم الوصول إلى خيارات غذائية صحية بأسعار معقولة.
كما تدعو الخبراء إلى إدراج التوعية الغذائية ضمن المناهج الدراسية وتحفيز الأسر على تعديل عاداتها الغذائية للحد من هذه المخاطر المتصاعدة.
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية.









