إكتشف علماء من جامعة بنسلفانيا مفاجأة علمية غير متوقعة أثناء دراستهم دواءً قديماً يستخدم منذ عقود لعلاج ارتفاع ضغط الدم.
الدواء المعروف باسم “هيدرالازين”، الذي بدأ استخدامه في خمسينات القرن الماضي، تبيّن أنه قد يمتلك قدرة محتملة على مكافحة بعض أنواع السرطان، بحسب ما ذكرته شبكة «فوكس نيوز».
وعلى مدى عقود، ظلّ “الهيدرالازين” يُستخدم دون فهم كامل للآليات الجزيئية التي يعتمد عليها لخفض ضغط الدم. وقال الدكتور كيوسكي شيشيكورا، الباحث والطبيب في جامعة بنسلفانيا والمشارك في الدراسة، إن الدواء يعود لفترة سبقت اكتشاف الأهداف الدوائية الدقيقة، حيث كان الأطباء يعتمدون على ملاحظاتهم الإكلينيكية قبل أن يجري تفسير التفاعلات البيولوجية لاحقاً.
وتمكّن شيشيكورا وفريقه من تحديد أن «الهيدرالازين» يستهدف بشكل مباشر إنزيماً صغيراً بالغ الأهمية يُسمّى “2-أمينوإيثانثيول ديوكسيجيناز” (ADO). ويعمل هذا الإنزيم كمستشعر للأكسجين داخل الخلايا، مما يساعدها على الاستمرار في ظروف نقص الأكسجين. وتكمن خطورة هذا الأنزيم في أنّه يساهم أيضاً في نمو الأورام السرطانية، وخصوصاً الأورام العدوانية سريعة التوسع مثل الورم الأرومي الدبقي، أحد أكثر سرطانات الدماغ شراسة ومقاومة للعلاج.
تواجه الأورام سريعة النمو مشكلة نقص الأكسجين، إذ لا يستطيع الإمداد الدموي اللحاق بسرعة تكاثرها. وبينما تموت الخلايا الطبيعية في بيئات منخفضة الأكسجين، تمتلك الخلايا السرطانية آليات متقدمة للبقاء، من بينها تفعيل أنظمة تعتمد على إنزيم ADO، ما يسمح لها بالاستمرار في الانقسام.
وتوضح ميغان ماثيوز، الأستاذة المساعدة في قسم الكيمياء في جامعة بنسلفانيا والمشاركة في البحث، أن إنزيم ADO يعمل كـ”جرس إنذار” يُطلق عند انخفاض مستويات الأكسجين.
لكن الفريق وجد أن «الهيدرالازين» يستطيع إسكات هذا الجرس عبر الارتباط بالإنزيم وتعطيل عمله.
ولكشف تفاصيل هذه الآلية، استخدم الباحثون تقنيات متقدمة، منها التحليل البلوري بالأشعة السينية، الذي مكّنهم من تحديد طريقة ارتباط الجزيء الدوائي بالإنزيم على المستوى الذري.
وتبيّن أن الدواء يوقف وظيفة ADO بالكامل، مما يؤدي إلى تعطيل قدرة الخلايا على مواجهة نقص الأكسجين.
ولمعرفة ما إذا كان هذا الاكتشاف يمكن أن يفيد في مكافحة السرطان، قام فريق البحث باختبار الهيدرالازين على خلايا مصابة بالورم الأرومي الدبقي داخل المختبر.
وبعد ثلاثة أيام فقط، لاحظ العلماء أن الخلايا السرطانية توقفت عن الانقسام، وبدأت تظهر عليها علامات مميزة لحالة تعرف باسم «الشيخوخة الخلوية»، وهي مرحلة يصبح فيها الخلية في حالة خمول دائم، غير قادرة على النمو أو الانتشار.
ورغم أن الدواء لم يقتل الخلايا السرطانية بشكل مباشر، فإن وضعها في حالة شيخوخة يعد خطوة مهمة، إذ يمنع الورم من التوسع والعودة. ويُعد هذا مؤشراً واعداً في مسار علاج الورم الأرومي الدبقي، الذي غالباً ما يعود بعد الجراحة والعلاج الكيميائي.
وأشار مركز “ميموريال سلون كيترينغ” للسرطان إلى أن هذه النتائج تمثل تقدماً مهماً في فهم كيفية استهداف الخلايا السرطانية، وقد تفتح الباب أمام تطوير علاجات جديدة أكثر فعالية ضد أحد أكثر السرطانات تحدياً.
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية.









