توصل فريق بحثي في كلية الطب بجامعة أريزونا الأميركية إلى دواء تجريبي جديد يفتح آفاقاً واعدة لعلاج ملايين المرضى الذين يعانون من قصور القلب.
ويُعتبر هذا الدواء أول علاج يستهدف السبب الجذري للمرض مباشرةً، وليس مجرد تخفيف الأعراض المصاحبة له، وفقاً للنتائج التي نُشرت يوم الخميس في دورية «Cell Metabolism».
ويُعرف قصور القلب بأنه حالة طبية يعجز فيها القلب عن ضخ الدم بشكل كاف لتلبية احتياجات الجسم من الأكسجين والمواد الغذائية. ويُركز الدواء الجديد على نوع خاص من قصور القلب يُسمى (HFpEF)، حيث تصبح عضلة القلب متيبسة ولا تسمح بامتلائها بالدم بسهولة خلال فترة الاسترخاء بين نبضات القلب، رغم احتفاظها بقدرتها على الضخ. وهذا النوع يصيب نحو نصف المرضى المصابين بقصور القلب، ويرتبط غالباً بالتقدم في العمر، وارتفاع ضغط الدم، والسمنة، والسكري.
كما يُعد (HFpEF) من أكثر أنواع قصور القلب تعقيداً في التشخيص والعلاج، نظراً لتشابه أعراضه مع أنواع أخرى من الفشل القلبي، واختلاف أسبابه التي تستوجب علاجاً مخصصاً.
وقد كشف الباحثون أن السبب الأساسي لهذا النوع من القصور يعود إلى تحرك إنزيم معين من مكانه الطبيعي داخل الخلية إلى موقع غير معتاد، حيث يتفاعل مع إنزيم آخر في خلايا بطانة الأوعية الدموية. هذا التفاعل يؤدي إلى إنتاج مركبات ضارة من الغلوكوز (سكر الدم) تسبب خللاً في الخلايا وتؤدي إلى تصلب عضلة القلب وفقدان مرونتها.
وتُفسر هذه الآلية البيولوجية العلاقة الوثيقة بين مرض السكري وظهور قصور القلب، وهو ارتباط لم يكن مفهوماً بشكل كامل سابقاً.
استناداً إلى هذا الاكتشاف، حدد الباحثون مركباً دوائياً قادراً على تحييد هذه المركبات الضارة الناتجة عن الغلوكوز. أظهرت التجارب المخبرية أن المركب الجديد يعزز مرونة عضلة القلب بشكل ملحوظ، مما يشير إلى إمكانية عكس مسار المرض بدلاً من مجرد إبطاء تقدمه.
وحتى الآن، لم يتوفر علاج فعّال لـ (HFpEF) سوى برامج التأهيل القلبي التي تعتمد على التمارين الرياضية، وتغيير نمط الحياة، وتقليل التوتر. ورغم أن بعض أدوية السكري مثل «إنفوكانا» و«أمباغليفلوزين» قدمت فوائد محدودة، فإن الحاجة ما زالت قائمة لعلاجات أكثر فعالية. ويأمل الباحثون أن يمهد الدواء الجديد الطريق لطرح علاج مبتكر يضيف خياراً جديداً لمواجهة قصور القلب. ويخطط الفريق لإجراء المزيد من التجارب للتأكد من فعالية الدواء وسلامته قبل تجربته على المرضى، مع إمكانية اعتماده مستقبلاً كعلاج ثوري يخفف من معاناة الملايين.
والجدير بالذكر أنّ هذا الاكتشاف يمثل خطوة مهمة نحو فهم أعمق لأسباب قصور القلب من نوع (HFpEF) وتطوير علاجات تستهدف جذور المرض بدلاً من أعراضه فقط. إذا أثبت الدواء التجريبي فعاليته في التجارب السريرية المقبلة، فقد يغير قواعد اللعبة في علاج قصور القلب، ويمنح المرضى فرصة أفضل لحياة أكثر صحة وجودة. كما يعكس هذا التقدم أهمية البحث العلمي المستمر في فتح آفاق جديدة لعلاج الأمراض المزمنة التي تؤثر على ملايين الناس حول العالم.
المصدر: info3
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية.









