مع حلول أشهر الشتاء الباردة، يلاحظ كثيرون زيادة ملحوظة في شعورهم بالجوع، ورغبتهم المتكررة في تناول الأطعمة الدافئة والغنية بالسعرات الحرارية.
وغالباً ما يُعزى هذا السلوك إلى انخفاض درجات الحرارة، إلا أن خبراء في التغذية والأعصاب يؤكدون أن الصورة أكثر تعقيداً، وأن السبب الحقيقي يكمن في عوامل بيولوجية ونفسية ترتبط بقِصر ساعات النهار واضطراب الساعة البيولوجية، وليس بالبرد وحده.
يوضح تيموثي فراي، عالم الأعصاب التغذوي ورئيس الأكاديمية الوطنية للتغذية العصبية والمقيم في ولاية فلوريدا، أن التغيرات الموسمية في الشهية ترتبط بشكل أساسي بانخفاض التعرض لأشعة الشمس.
ويقول في تصريحات لشبكة فوكس نيوز إن “الساعة البيولوجية للجسم تتأثر مباشرة بطول النهار، وعندما يقصر النهار في الشتاء، يختل توازن الهرمونات المنظمة للجوع والشبع، ما يؤدي إلى زيادة الشهية”.
وتشير بعض الدراسات إلى أن الجسم قد يميل إلى تناول كميات أكبر من الطعام في البيئات الباردة بهدف توليد الطاقة والحرارة، غير أن فراي يلفت إلى أن الأدلة العلمية في هذا المجال لا تزال غير حاسمة.
ويضيف أن “القول بأن الطقس البارد يرفع هرمونات الجوع بشكل ثابت لا ينطبق على الجميع، فالتغيرات الهرمونية تختلف من شخص إلى آخر”.
من جانبها، تتفق الطبيبة البريطانية كريستال ويلي مع هذا الطرح، لكنها تركز على البعد النفسي والمزاجي للظاهرة.
وتوضح في حديث لموقع Study Finds أن تراجع التعرض للضوء الطبيعي في الشتاء قد يؤدي إلى انخفاض المزاج، وهو ما يدفع الدماغ إلى البحث عن “تعويض سريع” عبر الطعام، خاصة الكربوهيدرات والسكريات التي تمنح شعوراً مؤقتاً بالراحة.
وتُظهر أبحاث عدة أن معظم الناس يكتسبون ما بين نصف كيلوغرام وكيلوغرام واحد خلال فصل الشتاء.
ويُعزى ذلك إلى اضطراب الساعة البيولوجية، والتغيرات الطفيفة في هرمونات الشهية مثل “اللبتين” و”الغريلين”، إضافة إلى زيادة الرغبة في تناول أطعمة تحسّن المزاج على المدى القصير، لكنها تسهم في زيادة الوزن على المدى الطويل.
أمام هذه التحديات، يطرح الخبراء مجموعة من النصائح العملية للحد من الشهية المفرطة في الشتاء دون حرمان قاسٍ.
وتنصح ويلي ببدء اليوم بوجبة إفطار غنية بالبروتين، لما لها من دور في استقرار مستويات السكر في الدم وتعزيز الشعور بالشبع لفترة أطول.
كما توصي بالبدء في الوجبات بأطعمة غنية بالألياف وقليلة السعرات الحرارية، مثل حساء الخضار أو السلطات.
وتشمل الأطعمة التي تساعد على الشبع الشوفان، والعدس، والفاصوليا، والبروكلي، والتفاح، وبذور الشيا، إذ تساهم هذه المكونات في امتلاء المعدة بسرعة أكبر.
كذلك، قد تلعب الأطعمة الغنية بـ”أوميغا 3” مثل السلمون والجوز دوراً في تنظيم الشهية عبر تحسين التواصل بين الأمعاء والدماغ.
وحتى الشوكولاتة الداكنة، إذا احتوت على 70% من الكاكاو على الأقل، يمكن أن تعزز الإحساس بالشبع عبر إبطاء عملية الهضم.
ولا تغفل النصائح أهمية التوابل، مثل الفلفل الحار والزنجبيل، التي تحتوي على مركبات كـ”الكابسيسين”، القادرة على تنشيط إنتاج الحرارة في الجسم، ما قد يسهم في تقليل الرغبة الشديدة في تناول الطعام.
كما أن شرب الماء أو شاي الأعشاب قبل الوجبات قد يساعد على التمييز بين الجوع الحقيقي والعطش، إذ تشير دراسات إلى أن شرب كوبين من الماء قبل نصف ساعة من الطعام قد يقلل من السعرات الحرارية المتناولة.
وفي الختام، يؤكد فراي أن التحكم في الشهية الشتوية لا يعتمد فقط على ما نأكله، بل يشمل أيضاً تحسين جودة النوم، والانتباه للحالة المزاجية، وزيادة التعرض للضوء الطبيعي، والحفاظ على نشاط بدني منتظم.
فهذه العوامل مجتمعة تشكل مفتاحاً أساسياً للتوازن الغذائي خلال أشهر البرد.
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية.









