في عالمنا اليوم، كثيراً ما نضيف مشروبات إلى وجباتنا اليومية، سواء مع الغداء أو العشاء، أو حتى كتحلية خفيفة أثناء محاولتنا لفقدان الوزن. لكن ما قد لا ننتبه إليه هو أن هذه المشروبات، خاصةً تلك التي تحتوي على محليات صناعية خالية من السعرات الحرارية، قد تؤثر سلباً على إحساسنا بالجوع والشبع.
في التفاصيل، أظهرت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Nature Metabolism أن المحليات الصناعية الموجودة في المشروبات الغازية الدايت وغيرها من المشروبات الخالية من السكر تؤثر على طريقة دماغنا في استقبال إشارات الجوع والشبع. هذه المحليات قد تجعل من الصعب على الجسم أن يحدد متى يشعر بالشبع، وقد تزيد حتى من إحساسنا بالجوع، كما أشارت صحيفة «هافبوست» الأميركية. وتكمن المشكلة في أن هذه المحليات، مثل الأسبارتام والسكرالوز والستيفيا، لا تحتوي على سعرات حرارية، وعندما يستهلك الدماغ شيئاً حلواً، يتوقع أن تدخل سعرات حرارية إلى الجسم. ولكن عدم وصول هذه السعرات يؤدي إلى ارتباك في الدماغ، مما يزيد الشهية ويدفعنا لتناول المزيد من الطعام.
في هذا الإطار، يشرح الدكتور نيكولاس بينينغز، طبيب الأسرة وأخصائي السمنة، أن الدماغ “يتوقع” الطاقة بعد تناول شيء حلو، وعندما لا يحصل عليها، يزداد شعورنا بالجوع لتعويض هذا النقص. ويرى جراح السمنة هيكتور بيريز أن هذا الاختلاف بين توقع الدماغ وما يحصل عليه يحفز إشارات الجوع، مما يؤدي إلى الإفراط في تناول الطعام.
من جانبها، الدكتورة كاثلين بيج، من جامعة جنوب كاليفورنيا، تؤكد أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة يعانون بشكل أكبر من هذا الارتباك الدماغي. فقد أظهرت دراستها أن لديهم استجابة قوية في منطقة ما تحت المهاد، المسؤولة عن تنظيم الجوع، ما يجعلهم أكثر عرضة لتناول كميات أكبر من الطعام بعد شرب المشروبات الدايت.
لذلك، ينصح الخبراء بتجنب المشروبات التي تحتوي على محليات صناعية خالية من السعرات، خاصةً لمن يسعون لفقدان الوزن أو السيطرة على تناول الطعام. فبينما يقلل السكر العادي الوزن، فإن هذه المحليات قد تزيد الشهية وتؤدي إلى تناول كميات أكبر.
كما نشير إلى أنّ هناك عوامل أخرى تؤثر على شعورنا بالجوع، منها صعوبة التمييز بين الجوع والعطش، حيث يمكن للجسم أن يرسل إشارات متشابهة. لذلك، ينصح بالحفاظ على الترطيب بشرب الماء، للتأكد من أنك جائع بالفعل وليس عطشاناً. كما أن عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم، والتوتر، والأكل أثناء الانشغال، مثل مشاهدة التلفزيون أو العمل على الكمبيوتر، قد تؤدي إلى صعوبة في معرفة متى نشعر بالشبع، ما يدفعنا للأكل المفرط.
وللتغلب على ذلك، ينصح الخبراء بممارسة الأكل الواعي: تناول الطعام ببطء، واستمتع بكل لقمة، وكن متنبهاً لشعورك أثناء الوجبة. مع مرور الوقت، سيساعدك ذلك على استعادة توازنك في الاستجابة لإشارات الجوع الطبيعية وبناء عادات غذائية صحية أكثر.
في النهاية، فهم كيف يؤثر ما نشربه على إشارات الجوع والشبع خطوة مهمة نحو التحكم في وزننا وصحتنا العامة. بتجنب المشروبات التي تحتوي على محليات صناعية، ومراقبة شعورنا الحقيقي بالجوع، يمكننا اتخاذ قرارات غذائية أكثر وعيًا تساعدنا على الوصول إلى نمط حياة صحي ومتوازن. جرب أن تكون أكثر انتباهًا لما تأكله وتشربه، وستلاحظ كيف تتحسن علاقتك بالطعام وتقل رغبتك في الإفراط. صحتك تبدأ بخياراتك اليومية الصغيرة، فاجعلها دائماً في صالحك.
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية.









