لطالما ارتبطت المشروبات الغازية السكرية بمخاطر صحية متنوعة، مثل السمنة والسكري وأمراض القلب، لكن دراسة جديدة فتحت الباب أمام قلق آخر، بعد أن كشفت عن ارتباطها بزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب، خاصة لدى النساء، عبر تأثيرها المباشر على البكتيريا المعوية.
الدراسة، التي نُشرت مؤخراً في دورية JAMA Psychiatry، حللت بيانات طبية وغذائية لأكثر من 900 شخص بالغ في ألمانيا، تتراوح أعمارهم بين 18 و65 عاماً.
وقدّم المشاركون استبيانات غذائية إلى جانب عينات براز لتحليل الميكروبيوم المعوي.
وتضمّنت العينة نحو 400 شخص مصاب باضطراب الاكتئاب الشديد، تمت مقارنة بياناتهم مع 500 شخص لا يعانون من أي اضطرابات نفسية.
في هذا السياق، أضهرت النتائج ارتباطاً ملحوظاً بين استهلاك المشروبات الغازية السكرية وشدة أعراض الاكتئاب لدى النساء فقط.
فقد تبين أن النساء اللواتي يشربن كميات كبيرة من هذه المشروبات أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بنسبة 17% مقارنة بغيرهن. ك
ما سجّلن معدلات أعلى من الأعراض الحادة مثل الحزن الشديد، الأفكار الانتحارية، الإرهاق الحاد، وصعوبة إنجاز المهام اليومية.
أما الرجال، فلم تُسجَّل لديهم صلة واضحة بين استهلاك المشروبات الغازية وخطر الإصابة بالاكتئاب، ما دفع الباحثين للاعتقاد أن العوامل الهرمونية أو اختلاف استجابة الجهاز المناعي قد تكون وراء هذا التباين.
وأوضحت قائدة الدراسة، الدكتورة شارميلي إدوين تاناراجا، أن العلاقة تنشأ عبر تأثير المشروبات الغازية على الميكروبيوم، أي مجتمع الميكروبات الذي يعيش في الأمعاء.
فقد وجدت الدراسة أن النساء اللواتي استهلكن هذه المشروبات بكثرة كانت لديهن مستويات مرتفعة من بكتيريا Eggerthella، التي ارتبطت في دراسات سابقة بزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب.
هذه البكتيريا المسببة للالتهابات تخلّ بتوازن الميكروبيوم، وتضعف الحاجز المعوي، ما يسمح بانتقال الالتهاب إلى الجهاز العصبي المركزي وبالتالي ظهور أعراض نفسية خطيرة.
المثير للانتباه أن المشروبات الغازية “الدايت” أو منخفضة السعرات لم تثبت أنها بديل آمن. إذ تشير دراسات سابقة إلى أن المحليات الصناعية والمواد الحافظة التي تحتويها قد تؤثر سلباً بدورها على توازن الميكروبات المعوية والصحة النفسية.
ورغم أن الدراسة رصدية ولم تثبت علاقة سببية مباشرة، إلا أنها تمثل مؤشراً قوياً على ضرورة إعادة النظر في العادات الغذائية.
ويدعو الخبراء إلى تقليل استهلاك هذه المشروبات تدريجياً واستبدالها بخيارات صحية مثل الماء المنقوع بالفواكه أو الشاي غير المحلّى.
من جانبها، تقول اختصاصية التغذية هنيس تونغ: “حتى الاستهلاك المعتدل يمكن أن يكون ضاراً، لأن هذه المشروبات لا تقدم أي قيمة غذائية وتزاحم الأطعمة المفيدة”.
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية.









