منذ ستة عقود، يدور في الأوساط العلمية نقاش محوري حول قدرة الدماغ البشري على توليد خلايا عصبية جديدة بعد البلوغ، وهي مسألة ظلّت محل جدل بالرغم من إثبات هذه الظاهرة في بعض الكائنات الحية.
اليوم، وبفضل تقنية علمية متطورة، تمكن فريق من الباحثين في السويد من اكتشاف أدلة واضحة على أن الدماغ البشري لدى البالغين يمكنه بالفعل تكوين خلايا عصبية جديدة، حتى في عمر 78 عامًا، بالإضافة إلى تحديد الخلايا الأصلية التي تنتج عنها تلك الخلايا العصبية.
ونُشرت نتائج الدراسة الرائدة في مجلة Science، حيث كشفت عن وجود “الخلايا السلفية” في الدماغ، وهي نوع من الخلايا التي تملك القدرة على الانقسام والتحول إلى خلايا عصبية.
ويقول جيرد كامبرمان، أستاذ علم الأعصاب بجامعة دريسدن: “لدينا الآن أدلة قوية على أن الخلايا السلفية في الدماغ البشري تتحول إلى خلايا عصبية”.
من المعروف أن الخلايا العصبية تنمو بكثافة أثناء الحمل، لتصل إلى حوالي 100 مليار خلية عند الولادة، ثم تبدأ في التناقص التدريجي مع التقدم في العمر.
لكن الدراسات التي بدأت في الستينيات على الفئران أظهرت أن هذه الكائنات تستمر في توليد خلايا عصبية في مرحلة النضج، وهو ما فتح باب التساؤل حول إمكانية حدوث الأمر نفسه في الإنسان.
وفي دراسة حديثة قادتها مارتا باترليني، المتخصصة في طب الأعصاب في معهد كارولينسكا في السويد، تم تطبيق تقنية تسلسل الحمض النووي الريبوزي (RNA sequencing) على أكثر من 100 ألف خلية دماغية مأخوذة من أمخاخ ستة أطفال متوفين تبرعت عائلاتهم بها للبحث العلمي.
مكنت هذه التقنية العلماء من تتبع المراحل العمرية الدقيقة للخلايا العصبية، مما أتاح لهم التمييز بين الخلايا الناضجة وتلك قيد التكوين.
وعند مقارنة النتائج مع عينات من أمخاخ 19 شخصًا بالغًا تتراوح أعمارهم بين 13 و78 عامًا، وجد الباحثون خلايا عصبية غير مكتملة النمو في جميع العينات باستثناء واحدة، بالإضافة إلى رصد الخلايا السلفية العصبية في تلك الأمخاخ، مما يدعم فرضية استمرار تكوين الخلايا العصبية بعد البلوغ.
كما لاحظ الباحثون أن أحد المتوفين وهو شاب مصاب بالصرع – كانت لديه نسبة عالية من هذه الخلايا، وهو ما يتماشى مع ما لوحظ في دراسات سابقة على الفئران، رغم أن العلاقة بين الصرع وتكوّن الخلايا العصبية لدى البشر ما زالت بحاجة للمزيد من البحث.
ويعتقد الفريق أن هذه الظاهرة قد لا تقتصر على منطقة “الحصين” فقط، وهي الجزء المسؤول عن الذاكرة، بل قد تشمل مناطق أخرى مثل “البصلة الشمية”، المعروفة بإنتاج خلايا عصبية جديدة في أدمغة الفئران.
ويأمل الباحثون أن تؤدي هذه النتائج إلى فتح أبواب جديدة لفهم وعلاج اضطرابات مثل الزهايمر والاكتئاب، خاصة وأن اضطراب تكوّن الخلايا العصبية قد يكون مرتبطًا بها.
ويختم كامبرمان حديثه قائلاً: “الآن وقد أنهينا هذا الجدل الطويل، يمكننا أن نبدأ في الإجابة على السؤال الأكثر أهمية: كيف تؤثر هذه الخلايا الجديدة على وظائف الدماغ البشري؟”.
المصدر: info3
https://info3.com/Medical-News/234914/text/highlight/خلايا-عصبية-جديدة-تولد-في-أدمغة-الكبار
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية.









