لطالما ارتبط الغلوكوز بوظيفته الأساسية كمصدر للطاقة في الجسم، خصوصاً في العضلات والكبد، لكن أبحاثاً علمية حديثة بدأت تكشف عن دور غير متوقع لهذا السكر الحيوي داخل الدماغ. ففي تطوّر لافت، أشارت دراسة جديدة إلى أن شكل الغلوكوز المخزَّن، المعروف بالغليكوجين، قد يكون عنصراً فاعلاً في تطور مرض ألزهايمر، أكثر أشكال الخرف شيوعاً. هذا الاكتشاف يفتح الباب أمام فهم جديد لآليات المرض، ويُمهّد الطريق لاستراتيجيات علاجية مبتكرة تستهدف مسارات الطاقة داخل الخلايا العصبية، ما يبعث الأمل في مواجهة أحد أكثر الأمراض العصبية فتكاً وانتشاراً في العالم.
في التفاصيل، تشير دراسة علمية حديثة إلى أن مخازن الغلوكوز في الدماغ، تحديداً الغليكوجين، قد تلعب دوراً محورياً في تطور الأمراض العصبية التنكسية، ما يفتح آفاقاً جديدة لعلاجات محتملة لمرض ألزهايمر وغيره من أشكال الخرف.
ويُعدّ مرض ألزهايمر أكثر أنواع الخرف شيوعاً، إذ يمثل ما بين 60 و80% من الحالات، ويؤدي إلى تدهور تدريجي في القدرات الإدراكية مثل الذاكرة، واللغة، والتفكير، والسلوك، والقدرة على حل المشكلات. وعلى الرغم من أن الغالبية العظمى من المصابين به هم من كبار السن، إلا أنه قد يصيب أشخاصاً دون سن الخامسة والستين.
وفي حين يشير مصطلح “الخرف” إلى تدهور معرفي عام يؤثر على القدرة على أداء الأنشطة اليومية، فإن مرض ألزهايمر هو الشكل الأكثر انتشاراً منه، ويرتبط تحديداً بفقدان الذاكرة.
الدراسة الجديدة، التي قادها باحثون من معهد باك لأبحاث الشيخوخة في الولايات المتحدة، سلطت الضوء على دور الغليكوجين، وهو الشكل المخزّن من الغلوكوز، في الدماغ. وكان يُعتقد سابقاً أن الغليكوجين يُخزّن فقط في الكبد والعضلات كمصدر احتياطي للطاقة، لكن هذه النتائج تُظهر أنه يلعب أيضاً دوراً في العمليات العصبية والمرضية.
يقول الدكتور بانكاج كاباهي، عالم الأحياء الجزيئية في المعهد: “هذه الدراسة تتحدى الفكرة التقليدية بأن الغليكوجين مجرد احتياطي طاقة. نحن الآن نرى أنه عنصر نشط في أمراض الدماغ”.
وأظهرت التجارب أن مستويات الغليكوجين تكون مرتفعة بشكل غير طبيعي في أدمغة مرضى ألزهايمر وفي خلايا ذباب الفاكهة المُصاب باعتلال عصبي. وعندما قام الباحثون بتحفيز إنتاج الغليكوجين عبر إنزيم يسمى GlyP (فوسفوريلاز الغليكوجين)، لاحظوا أن الجسم استخدم هذه المخازن لمكافحة التلف الخلوي وتقليل الأضرار الناتجة عن الجذور الحرة (أنواع الأكسجين التفاعلية).
وأوضح الباحث سوديبتا بار أن “زيادة نشاط الغليكوجين يساعد الخلايا العصبية على التخلص من السموم، ما يقلل من الضرر الذي تتعرض له”.
كما اختبر الفريق تأثير النظام الغذائي على مسار الغليكوجين، ووجدوا أن نظاماً غذائياً منخفض البروتين ساعد ذباب الفاكهة المصاب بألزهايمر على العيش لفترة أطول مع ضرر دماغي أقل، مما يشير إلى أن التغييرات الأيضية المرتبطة بالغذاء يمكن أن تكون مفيدة في هذا السياق.
ولمحاكاة تأثيرات التقييد الغذائي، طور الباحثون دواءً يحتوي على جزيء 8-Br-cAMP، وحقق نتائج مماثلة في التجارب.
وتتلاقى هذه النتائج مع دراسات حالية حول أدوية مثل أوزمبيك (Ozempic)، المخصصة لعلاج السكري وفقدان الوزن، والتي تُظهر آثاراً واعدة في الوقاية من الخرف. وقد يكون ذلك مرتبطاً بتأثير هذه الأدوية على مسارات الغليكوجين في الدماغ.
هذه الدراسة تفتح آفاقاً جديدة لفهم أعمق للآليات البيولوجية المرتبطة بألزهايمر، وتمهد الطريق لاستراتيجيات علاجية جديدة تركز على تنظيم الغلوكوز داخل الدماغ.
المصدر: info3
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية.









