كشفت دراسة طبية أميركية واسعة أن تناول الأطعمة فائقة المعالجة، وعلى رأسها الوجبات السريعة واللحوم المصنعة، يرتبط بارتفاع خطر إصابة النساء، خصوصاً تحت سن الخمسين، بمقدمات سرطان القولون.
الدراسة التي أجراها باحثون في مستشفى “ماساتشوستس جنرال بريغهام” ونُشرت نتائجها في دورية “JAMA Oncology” الخميس، تسلط الضوء على تأثير نمط الغذاء الصناعي واسع الانتشار على زيادة معدلات السرطانات المبكرة، ولا سيما سرطان القولون الذي يُعد من أكثر السرطانات شيوعاً حول العالم.
ويُعرف سرطان القولون بأنه مرض يصيب الجزء الأخير من الجهاز الهضمي، وغالباً ما يبدأ بتكوّن سلائل صغيرة في بطانة القولون، قد تتحول بمرور الوقت إلى أورام خبيثة إذا لم تُكتشف في مراحل مبكرة.
وترتبط الإصابة بهذا السرطان بعدد من عوامل الخطر التقليدية، مثل السمنة، التدخين، قلة النشاط البدني، الأنظمة الغذائية عالية الدهون، إضافة إلى العوامل الوراثية.
إلا أن الدراسة الجديدة تشير إلى أن نمط الغذاء المعاصر، الذي يعتمد بشكل كبير على الأطعمة المصنعة والجاهزة، قد يكون مساهماً رئيسياً في ارتفاع حالات الإصابة المبكرة.
واستندت الدراسة إلى متابعة طويلة الأمد شملت 29 ألف ممرضة أميركية تحت سن الخمسين، على مدى 24 عاماً، وهي واحدة من أطول الدراسات التي تبحث العلاقة بين الغذاء والأورام المبكرة.
وأظهرت النتائج أن النساء اللواتي تناولن أعلى المستويات من الأطعمة فائقة المعالجة كنّ أكثر عرضة لتطوّر “الأدينومات” في القولون، وهي زوائد حميدة تُعد المؤشر الأكثر شيوعاً لزيادة احتمالية الإصابة بسرطان القولون المبكر.
وكشفت البيانات أن المشاركات اللاتي استهلكن ما يقارب 10 حصص يومياً من هذه الأطعمة، كنّ أكثر عرضة للإصابة بالأدينومات بنسبة بلغت 45 في المائة مقارنة بمن تناولن 3 حصص فقط.
ورغم أن الدراسة ركزت على النساء، فإن النتائج تطرح تساؤلات أوسع حول التأثير المحتمل لهذه الأطعمة على الصحة العامة لجميع الفئات العمرية.
وتعرّف الأطعمة فائقة المعالجة بأنها منتجات غذائية جاهزة أو شبه جاهزة، تعتمد على مكونات صناعية ومواد مضافة، وتتميز بمحتواها المرتفع من السكريات والدهون المشبعة والملح، مقابل انخفاض قيمتها الغذائية.
وتشمل أبرز الأطعمة التي رُبطت بزيادة خطر سرطان القولون: الوجبات السريعة مثل البرغر والبيتزا الجاهزة، اللحوم المصنعة كالنقانق واللانشون والسجق، المشروبات الغازية والمحلاة صناعياً، الوجبات المجمدة والمعلبة، رقائق الحبوب المعلبة، إضافة إلى الحلويات الصناعية مثل الكيك والبسكويت.
اللافت في نتائج الدراسة أن العلاقة بين استهلاك هذه الأطعمة ومقدمات سرطان القولون استمرت حتى بعد أخذ عوامل الخطر التقليدية في الحسبان، مثل السمنة، السكري من النمط الثاني، وقلة تناول الألياف.
ويرى الباحثون أن النتائج تعزز الحاجة إلى استراتيجيات وقائية، من بينها خفض استهلاك الأطعمة المصنعة، واعتماد أنماط غذائية أقرب إلى الحميات الصحية الطبيعية، مثل الحمية المتوسطية.
وتؤكد الدراسة أن الأطعمة فائقة المعالجة ليست العامل الوحيد وراء الزيادة الملحوظة في حالات سرطان القولون المبكرة، لكنها تمثل مؤشراً مهماً يدفع نحو البحث في عوامل أخرى، بما في ذلك البيئة ومستوى التوتر وأنماط النوم.
كما يشدد الباحثون على ضرورة تطوير تصنيفات أكثر دقة لأنواع الأغذية المصنّعة، بما يحدد مستويات خطورتها وتأثيراتها الصحية المتباينة.
وتبرز الدراسة كذلك أهمية رفع الوعي الغذائي لدى الأجيال الشابة، في ظل تزايد الإقبال العالمي على الأطعمة الجاهزة ذات السعر المنخفض وسهولة التحضير، والتي أصبحت جزءاً أساسياً من النظام الغذائي اليومي للملايين.
ويرى الخبراء أن تشجيع خيارات غذائية صحية، وتحسين الوصول إلى الطعام غير المعالج، يمثلان خطوات ضرورية للحد من المخاطر الصحية المرتبطة بالتغذية الحديثة.
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية.









