في عالم يزداد تسارعًا، برزت دمية صغيرة بحجم كف اليد لتخطف الأضواء وتُشعل سباق الموضة من أستراليا إلى العالم العربي، إنها Labubu “لابوبو” – الدمية غريبة الشكل، ذات الملامح اللطيفة والمخيفة في آن، التي تحوّلت من شخصية ضمن قصص الأطفال إلى رمز للموضة المعاصرة.
تعود أصول Labubu “لابوبو” إلى عام 2015، حيث ابتكرها الرسام كاسينغ لونغ ضمن سلسلة “The Monsters”، مستوحيًا ملامحها الفريدة من الفولكلور الإسكندنافي. لكنها لم تبدأ مسيرتها نحو العالمية إلا بعد شراكة الفنان مع شركة “بوب مارت” في 2019، التي أطلقتها ضمن صناديق مغلقة تعرف بـ”الصناديق العمياء”، ما زاد من جاذبيتها ورغبة الناس في اقتنائها.
وخلال عام 2025، تصاعدت شهرة Labubu “لابوبو” بشكل غير مسبوق، خاصة في أستراليا، حيث تشكلت طوابير طويلة أمام متاجر “بوب مارت”، وبدأ المعجبون يصطفون منذ الثالثة فجرًا للحصول على الإصدار الجديد. وقال متحدث باسم “بوب مارت” إن الهوس بهذه الدمية “اجتاح أستراليا بشكل غير مسبوق”.
ولم تكن الأسعار عائقًا أمام المعجبين، فبينما تُباع النماذج الأساسية بسعر يتراوح بين 13 و16 دولارًا أمريكيًا، قفزت أسعار النسخ النادرة إلى ما يفوق 300 دولار أسترالي على مواقع مثل “إيباي”، بل وصل بعضها إلى 1580 دولارًا على موقع “بوب مارت” الرسمي.
ولا شكّ أنّ ما ساعد في تأجيج جنون “لابوبو” Labubu هو ظهورها المفاجئ مع كبار النجوم والمؤثرين. فقد حملتها المغنية ليسا من فرقة “بلاكبينك” داخل حقيبتها الفاخرة، قبل أن تتبعها أسماء مثل ريانا ودواليبا. حتى أنها ظهرت في أكثر من 1.2 مليون فيديو على “تيك توك”، مما رسّخ مكانتها كأيقونة جديدة للجيل.
ولم تتأخر الموضة العربية في اللحاق بالترند، فشوهدت المؤثرة السعودية العنود بدر تزين حقيبتها بدمية “لابوبو”، وشاركت القطرية حنين الصيفي صورًا لحقيبتها في لندن وقد زيّنتها الدمية الفروية. أما خبيرة التجميل جويل مردينيان، فقد وثّقت لحظة فتح “صندوق مفاجأة” مع ابنتها، في فيديو أثار تفاعلًا واسعًا.
ظهرت Labubu لابوبو أيضًا في أسبوع الموضة بباريس، حيث لفتت الأنظار وهي تتدلّى من حقيبة Hermès برتقالية حملتها إحدى الحاضرات، ما شكّل اعترافًا ضمنيًا بمكانتها كقطعة موضة راقية لا مجرد دمية.
وبينما يرى البعض أنها مجرد موجة مؤقتة، تشير الباحثة الأميركية في التصميم جوزدي جونكو بيرك إلى أن “لابوبو” تمثل مهربًا جماعيًا من ضغوط الواقع، ومرآة لتحولات ثقافية وتكنولوجية، حيث يجد الناس فيها بساطة الطفولة في زمن معقّد. وهكذا، لم تعد Labubu “لابوبو” لعبة أطفال، بل ظاهرة ثقافية واقتصادية تحمل في طياتها الكثير من الدلالات عن ذوق الجيل، وتأثير المشاهير، وقوة التسويق العاطفي في عصر الرقمنة.
ففي عالم تتسارع فيه اتجاهات الموضة وتتشظى فيه الأذواق بين العوالم الرقمية والحقيقية، تمثل Labubu “لابوبو” أكثر من مجرد دمية لطيفة أو إكسسوار رائج؛ إنها تجسيد ذكي لفكرة “التسويق العاطفي”، حيث يُباع الحنين، والندرة، والهوية الشخصية في علبة مفاجأة. ويبدو أن المستقبل سيشهد المزيد من هذه الظواهر الهجينة التي تدمج الفن، والموضة، والثقافة الشعبية، وتُعيد تعريف العلاقة بين العلامة التجارية والمستهلك. فربما لم تعد القوة الشرائية وحدها هي ما يحدد النجاح، بل القدرة على تحريك مشاعر الناس في زمن يبحث فيه الجميع عن لمسة إنسانية وسط زخم الصناعة.
المصدر: info3
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية.









