وفاة المخرج السينمائي السوري عبد اللطيف عبد الحميد

نعت نقابة الفنانين في سوريا وعدد من المؤسسات والهيئات السينمائية المخرج عبد اللطيف عبد الحميد الذي توفي في ساعة متأخرة من مساء الأربعاء عن 70 عاماً.

وجاء في بيان مشترك لوزارة الثقافة السورية والمؤسسة العامة للسينما أن الراحل "خلّف وراءه إرثاً سينمائياً غنياً حمل قيمة كبرى في تاريخ السينما السورية والعربية عموما".

ولد عبد اللطيف عبد الحميد في العام 1954 لأسرة من لواء إسكندرون السليب نزحت إلى قرية البهلولية في ريف اللاذقية هرباً من بطش النظام التركي، وقضى المخرج المبدع سنوات طفولته متنقلاً بين حمص والجولان السوري المحتل بحكم عمل والده في الجيش العربي السوري وكانت السينما شغفه الأول فكان لا يترك فيلما عربياً وأجنبياً تعرضه صالات مدينة اللاذقية.

وعندما حصل الراحل عبد الحميد على الشهادة الثانوية درس الأدب العربي في جامعة تشرين حيث أشبع هوايته الفنية بالعمل في المسرح الطلابي وسعى لدراسة الموسيقا في مصر ولكن ثمة عوائق حالت دون تحقيق حلمه.

وأخذت مسيرة حياة عبد الحميد طريقها الصحيح عندما حصل على منحة لدراسة السينما في المعهد العالي للسينما بموسكو وتخرج فيه عام 1981 منجزاً خلال سنوات دراسته ثلاثة أفلام وهي تصبحون على خير ودرس قديم ورأساً على عقب، وبعد عودته إلى دمشق أنجز للمؤسسة العامة فيلمين تسجيليين هما أمنيات وأيدينا.

تعرف جمهور السينما السورية على عبد الحميد عندما عمل مخرجاً مساعداً في رائعة محمد ملص أحلام مدينة سنة 1983 وفي العام 1987 أدى الشخصية الرئيسة في فيلم نجوم النهار لأسامة محمد لينال مع فيلمه الأول ليالي ابن آوى إنتاج عام 1989 سيف مهرجان دمشق السينمائي الذهبي وجائزة أفضل ممثل للفنان أسعد فضة والزيتونة الذهبية في مهرجان حوض المتوسط في كورسيكا والجائزة الذهبية من مهرجان الفيلم الأول الدولي في أنوناي بفرنسا.

وأتبع عبد الحميد عمله الأول بثلاثة أفلام صنفها النقاد مع ليالي ابن آوى ضمن رباعية ريفية تناولت بيئة الساحل السوري في حقبة الستينيات مع رسائل شفهية إنتاج 1989 الذي نال جوائز عديدة في مهرجانات فالنسيا ومونبليه ثم قمران وزيتونة إنتاج 2001 وما يطلبه المستمعون 2003.

وقام عبد الحميد عبر فيلمه نسيم الروح إنتاج سنة 1998 بخطوة غير مسبوقة في السينما السورية والعربية عندما خصص هذا العمل تحية لروح الموسيقار المصري الراحل بليغ حمدي.

ولم تطفئ نيران الحرب وآلامها جذوة الإبداع عند الراحل عبد الحميد من كتابته وإخراجه للعديد من الأفلام التي صورت الحرب بصورة متعددة تطرق في بعضها لتأثيراتها السلبية على المجتمع السوري بشكل عام والأسرة بشكل خاص من فيلم أنا وأبي وأمي وأنت وطريق النحل عام 2017 وعزف منفرد عام 2018.

عبد الحميد الذي أخرج للسينما السورية 15 فيلماً جميعها من كتابته سَحَر الجمهور أيضاً بأدائه التمثيلي المعبر والبارع في الأفلام التي شارك فيها مقدماً شخصيات فريدة بدءاً من نجوم النهار ومروراً بـ “ماورد” إخراج أحمد إبراهيم أحمد وبانتظار الخريف لجود سعيد وأمينة لأيمن زيدان.

وعبّر عدد من نجوم سوريا عن حزنهم على فقدان عبد الحميد أمثال تيم حسن، كندة حنا ومصطفى الخاني وغيرهم.

وكتب الممثل كرم الشعراني على حسابه بفيسبوك "ضحكته الاستثنائية.. تعابير الوجه الاستثنائية التي لا تستطيع أن تفهم معناها الحقيقي لأنه ينظر إليك ولكنه شارد في عالم آخر.. طريقة الكلام الاستثنائية.. أفلامه استثنائية لا تنسى كرسائل شفهية وليالي ابن آوى وما يطلبه المستمعون. المحب الاستثنائي في حبه لزوجته الراحلة لاريسا.. خسارة كبيرة جدا لكل من عرفك وللسينما السورية خاصة والعربية عامة".