هجوم غير مُبرَّر على صنّاع "شارع شيكاغو" بسبب التطرّف الفكري!

13:00
16-07-2020
أميرة عباس

تمّ طرح المُلصق الدعائي الرسمي الخاص بالمسلسل السوري "شارع شيكاغو" الذي كان من المفترض عرضه خلال الموسم الرمضاني للعام الجاري قبيْل جائحة كورونا لكن أُرجِئَ للشهر الحالي حيث من المرتقب عرضه بعد أيام وجيزة، وهو من بطولة سلاف فواخرجي، دريد لحام، عبّاس النوري، أمل عرفة، شكران مرتجى، مهيار الخضر، مع نخبة من نجوم الدراما السورية، من تأليف ورشة من الكتاب بإشراف المخرج محمد عبد العزيز وإنتاج شركة قبنض، وهو يتمحور حول قصة فتاة دمشقية تهرب برفقة بطل شعبي في حقبة الستينيات، فتلجأ إلى "تياترو" كائن في شارع شيكاغو، ثمّ تقع جريمة قتل تبقى غامضة لِحين يُعاد فتح ملف هذه الجريمة بعد سنوات طويلة في الحقبة المُعاصرة.

أما بعد طرح هذا المُلصق، فتعرّض أبطال وصنّاع العمل لبعض الإنتقادات حيث إعتبره البعض جريئاً فيما حاول البعض الآخر الدفاع عنه إذ ظهرت الممثلة سلاف فواخرجي مع الممثل مهيار الخضر في هذا "البوستر" بصورة رومانسية تتلاءم مع أجواء حقبة الستينات التي تُعالَج خلالها أحداث المسلسل.

ما يستوقفنا هنا تَعمُّد البعض الإعتراض على مُلصق "شارع شيكاغو" بالرغم من أنّه يتشابه مع الكثير من المُلصقات الخاصة بالأفلام المصرية التي إستخدمت إيحاءات رومانسية مُشابهة في العصر الذهبي للسينما المصرية ونذكر منها بوسترات الأفلام التالية:"دعاء الكروان، صراع في الوادي، اللص والكلاب، الطريق، غلطة حبيبي، نهر الحب، سيدة القصر"... وكل الأفلام الآنف ذكرها عُرِضت في القرن المنصرم حيث كان الجمهور يتقبّل الرومانسية بعذريتها وجرأتها على حد سواء دون أي إعتراض رغم أنّ تلك الحقبة شهدت آنذاك سينمائياً على العديد من المشاهِد الجنسية والعُري، وذلك على عكس ما نلمسه اليوم من تطرّف فكري بات لا يتقبّل النظر حتى إلى الصور الرومانسية البسيطة كالتي نراها مع مُلصق "شارع شيكاغو"!

تعقيباً على ذلك، لا بد من التنويه بأنّ هذا المُلصق يرتبط بصورة كبيرة بِلغة الجسد التي تُعد جزء لا يتجزّأ من عناصر إعداد الشخصية الدرامية للممثل، لهذا السبب إعتمد بوستر " شارع شيكاغو" على لغة جسد رومانسية تجمع البطليْن للإيحاء بقصة حب بينهما، وهذا ما إعتبره المتطرّفون فكرياً أنّها صورة دعائية مُبالَغ بها!

في سياق متصل منفصل نشير إلى أنّ مُلصق "شارع شيكاغو" يدفعنا للشعور بنوستالجيا فنية إلى حقبة الستينات حين شهد العالم العربي على نقلة نوعية في الدراما السينمائية تحديداً حيث حاكَت الصراع اليميني اليساري في السياسة والإقتصاد وما إستتبعها من إختلاف في الإيديولوجيات الفكرية الاجتماعية بحثاً للتطلّع نحو التحرّر والحرية، من جانب آخر، ننوّه بأنّ بوستر "شارع شيكاغو" أعاد إلى أذهاننا بوسترات قديمة تعتمد على تصميم غرافيكي بمؤثرات بصرية تعكس لنا المشاعر المتدفّقة بين البطليْن مع مزج بين ألوان قاتمة ولافتة في آنٍ معاً، ما يحمل قيمة فنية لتصميم هذا النوع من البوسترات.

لذا، نأسف أنّه في حقبة الألفية الثالثة وفي زمن الثورات والتمرّد على الفساد والجوع والحروب، ما زلنا نُعاني من هجوم المتطرّفين فكرياً على الفن وصنّاعه وغفلوا عن أنّ الفن هو تحرّر من القيود البلهاء، ومن الأجدر بنا تقدير صورة الفن الراقي الذي يُحاول صنّاعه تقديمه في أصعب الظروف الراهنة.