ما بين النمطيّة والتجديد... تيم حسن حقّق شرط الابتكار في "الزند" للخروج من عباءة "الهيبة"

13:00
05-04-2023
أميرة عباس
ما بين النمطيّة والتجديد... تيم حسن حقّق شرط الابتكار في "الزند" للخروج من عباءة "الهيبة"

مع عرض مسلسل "الزند- ذئب العاصي" وبعد سلسلة أجزاء "الهيبة" لم يقع بطلهما الممثل السوري تيم حسن في فخ الدور النمطي لشخصية جبل التي قدّمها في "الهيبة" خلال السنوات الأخيرة، إذ أنّ الممثل عموماً قد يصعب عليه الخروج من شخصية معيّنة رسخت في ذاكرة الجمهور. ورغم أنّ تيم استمر مع "الزند" في تقديم ذات التيمة الدرامية أو الفكرة التي تدور حول شخصية الرجل القوي الذي لا يهزمه أحداً لكنّه هذه المرة قدّمها في قالب مختلف، وهنا تكمن نقطة قوّته كممثل محترف ومن العيار الثقيل، فضلاً عن سائر مكوّنات هذا العمل التي اكتملت بها كافة عناصر نجاحه.

قبل التوغّل في تفاصيل مسلسل "الزند- ذئب العاصي" الذي يُعرض خلال الموسم الرمضاني الراهن، لا بد من التوقّف عند المقارنة بين شخصية جبل في الهيبة وعاصي في الزند إذ أنّ الأنظار كانت تترقّب كيفية تقديم الممثل تيم حسن لشخصية جديدة بعد الهيبة لاسيّما أنّ النمطية في دور جبل من الصعب الخروج منها، فحتّى بعض من كبار نجوم الدراما التلفزيونية والسينمائية لم يخرجوا من الأدوار النمطية التي نجحوا فيها، والنمطية بطبيعتها البنيوية هي شكل متكرّر لا يتحقق فيه شرط التنوّع والاختلاف الذي يتطلّبه العمل الفني القائم على الخلْق والإبداع. ومن هذا المنطلق، كانت مهمّة تيم حسن أصعب هذه المرة في تقديم نسخة جديدة من كاريكتار الرجل القوي بعيداً عن أسلوب التنميط الأدائي حيث وضع إبتكاراً جديداً لهذا النوع من الشخصيات، وهنا يكمن الإبداع الفني في إضفاء لمسات خاصة من الممثل على الشخصية المكتوبة على "الورق" من خلال إعتماده على التغيير في عناصر بناء شخصيته الدرامية الجديدة ومنها الفيزيولوجيّة كملامح الشكل، ليونة الجسد، اختلاف نبرة الصوت، والسوسيولوجية كاللهجة.

 

هذا ما نُشاهده اليوم خلال الموسم الرمضاني مع عاصي الذي هو شخص متمرّد يعصي الأوامر ولا ينصاع لأحد، وهو محارب قوي الزند فأتى اسمه مطابقاً لطباعه عاصي الزند. يواجه ابن الباشا الإقطاعي ويهدّده دون أن يرف له جفن، كما يتواجه مع قاتل أبيه لينتقم منه بعد طول سنين، والخطر يداهم هذا البطل حيث نجا من محاولة قتله وتعافى من السم المدسوس في السكين الذي جُرحت بها يده.

وإلى جانب أداء بطل العمل، لا بد من الإشادة بكل العناصر الدرامية التي ساهمت بنجاح المسلسل من ناحية القصة، الحوار، المؤثرات الصوتية والبصرية، الإخراج والإنتاج لشركة الصبّاح إخوان.

فقصّته للكاتب عمر أبو سعدة ، تعكس معاناة بلادنا من الظلم والاستبداد ورغم أنّها تدور في زمان غير زماننا ومكان غير مكاننا إلّا أنّ المأساة ما زالت مستمرة مع تبدّل الأماكن والأزمان. وللإخراج في هذا العمل إدارة فنية قوية ومُتمرّسة تُحسَب لمخرجه سامر البرقاوي، لاسيّما أمام الصعوبات اللوجستية في بعض المَشاهِد خاصة القتال العنيف في نهر العاصي (الحلقة الحادية عشر).

 

أيضاً لا بد من التوقّف عند أداء باقي الشخصيات الدرامية التي أتقنت أدوارها بشكل لافت ما يُحمّلها مسؤولية أمام الاختيارات الفنية المقبلة، وأبرزها كل من الممثل أنس طيارة بدور نجل الباشا والممثلة نانسي خوري بِدور شقيقة البطل.

ومع مشاهدة هذا العمل، نلاحظ أنّه يتشابه مع روح بعض المسلسلات السورية الراسخة في ذاكرة الجمهور العربي مثل:"نهاية رجل شجاع" و"أخوة التراب". كما أنّ هناك إجماع على نجاحه وتميّزه في هذا الموسم من قِبل الصحافيين والنقّاد والجمهور ورواد الانترنت الذين وصفوه بالملحمة التاريخية. لكن كيف ستكون نهاية هذه الملحمة، وهل ستشهد على سلسلة أجزاء جديدة منها؟