الإختيار، هجمة مرتدة، القاهرة كابول...حينما تكون الدراما "قوّة ناعمة" في قضايا وطنيّة!

13:00
28-05-2020
أميرة عباس

لطالما حقّقت الأعمال الدرامية الوطنية-البوليسية نجاحاً هامّاً لِما تحمله من عنصر التشويق والغموض في تيمتها الدرامية إن كان في الأعمال الحربية أو الإستخباراتية، وعلى سبيل المثال، حاز مسلسل "الإختيار" على نجاح كبير في الموسم الرمضاني للعام الجاري، وهو العمل الذي تمحور حول بطولات الجيش المصري لمحاربة الإرهاب في سيناء/ جنوب مصر (وهو من كتابة باهر دويدار، إخراج بيتر ميمي وإنتاج سينرجي) مع تقديم جزء ثاني له خلال رمضان القادم، أما بالنسبة للأعمال الدرامية الإستخباراتية، فسيكون الجمهور العربي على موعد مع مسلسليْ "هجمة مرتدة" من ملف المخابرات المصرية و"القاهرة كابول" حول محاربة الإرهاب حيث سيتم عرضهما في رمضان 2021 بحسب ما أُعلِن مؤخراً بشكل رسمي.

"هجمة مرتدة" من ملفات المخابرات المصرية في رمضان 2021

هذا العمل مقتبس من ملفات المخابرات المصرية، وكان من المقرّر عرضه أيضاً في الموسم الرمضاني للعام الجاري ولكنّه لم يُتمكَّن من إنجازه بِسبب ظروف أزمة وباء كورونا، والمسلسل من بطولة أحمد عز، هند صبري، وعدد من نجوم الدراما المصرية أمثال ماجدة زكي، صلاح عبد الله، هشام سليم، محمود البزاوي، أحمد فؤاد سليم، محمد جمعة، وخالد أنور، وهو من كتابة باهر دويدار، إخراج أحمد علاء، وإنتاج شركة سينرجي.

"القاهرة كابول" تسليط الضوء على مكافحة الإرهاب في رمضان 2021

كان قد أعلن المخرج المصري حسام علي منذ حوالي شهريْن عن خروج مسلسل "القاهرة كابول" من السباق الرمضاني لعام 2020 بسبب الظروف التي تمر بها البلاد بسبب جائحة وباء كورونا. أما مؤخراً لقد أعلنت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية عن عرض مسلسل "القاهرة كابول" في موسم رمضان القادم.
هذا العمل يُقدِّم دور البطولة فيه كل من نجوم الدراما الآتي ذكرهم: طارق لطفي، خالد الصاوي، فتحي عبد الوهاب، حنان مطاوع، نبيل الحلفاوي وغيرهم، وهو تأليف عبد الرحيم كمال، إخراج حسام علي وإنتاج شركة سينرجي. يتناول المسلسل ثلاث قصص مثيرة، حول المؤامرات التي تُحاك ضد المنطقة العربية، وخاصة مصر بالفترة الأخيرة، مسلطًاً الضوء على الأعمال الإرهابية التي تقع في هذه المنطقة، حيث تنقسم أدوار الثلاثة أبطال في القصة إلى شخصية "الإرهابي" الذي يتعاون مع عدد من المنظمات، ويتصدى له شخصية ضابط الشرطة، كما ينقل الصورة لِشخصية الإعلامي في هذا الإطار.

مسلسلات مصرية إستخباراتية رسَخت في ذاكرتنا

خلال السنوات المنصرمة، تمّ تقديم عدداً من المسلسلات المصرية المقتبسة من الملفات الإستخباراتية ولعلّ مسلسل "رأفت الهجان" هو من أكثر تلك الأعمال التي رسخت في ذاكرة الجمهور العربي، عُرض الجزء الأول منه عام 1987، ثمّ نُفِّذ جزأيْن آخريْن منه، وهو من تأليف صالح مرسي، وإخراج يحيى العلمي، بطولة الراحل محمود عبد العزيز، محمد وفيق ويوسف شعبان. يحكي المسلسل قصة رفعت الجمال الذي تم تجنيده عام 1956 وقدّم خدمات جليلة للمخابرات المصرية حتى معركة العبور في أكتوبر 1973.
أيضاً نذكر مسلسل دموع في عيون وقحة (1980)حيث تناول قصة عميل المخابرات المصري أحمد الهوان، وهو عميلاً مزدوجاً لصالح المخابرات المصرية. قام ببطولته عادل إمام، صلاح قابيل ومعالي زايد، وأخرجه يحيى العلمي.
كما نستذكر مسلسل "الثعلب" الذي عُرض عام 1993، يتناول إحدى عمليات فريق رفعت جبريل حين كان يعمل ضابطاً في المخابرات العامة المصرية، وهو من إخراج أحمد خضر، تأليف إبراهيم مسعود، بطولة الراحل نور الشريف، إيمان وسعيد عبد الغني.

مسلسلات مصرية إستخباراتية بعد عام 2000

أما المسلسلات الإستخباراتية المقتبسة من ملفات المخابرات المصرية التي عُرضت بعد عام 2000، فهي معدودة وأهمها: "عابد كرمان" (عام 2011) الذي تناول قصة عبد الرحيم قرمان البطل الفلسطيني الذي كان يعمل لصالح المخابرات المصرية، وهو بطولة تيم حسن، إخراج نادر جلال. ومسلسل "حرب الجواسيس" (عام 2009) الذي تدور أحداثه حول سامية فهمي التي يسافر زوجها نبيل للخارج فيستقطبه الموساد الإسرائيلي ليعمل معه جاسوساً عقب نكسة 67، وقام بالبطولة منة شلبي وشريف سلامة، إخراج نادر جلال. ومسلسل "الزيبق" (عام 2017) الذي يروي قصة الشاب عمر صلاح بعدما تمّ تجنيده من قبل المخابرات المصرية ويذهب إلى اليونان للكشف عن خلية للموساد، وهو من تأليف وليد يوسف ووائل عبد الله، إخراج وائل عبد الله، وبطولة كريم عبد العزيز وشريف منير وريهام عبد الغفور.

ما هو هدف هذا النوع من المسلسلات؟!

لا شكّ في أنّ هذا النوع من المسلسلات يحمل هدفاً سامياً حيث يُجسِّد المعنى الجوهري لِتأثير القوّة الناعمة (الدراما) على الرأي العام إذ يُعزِّز الإنتماء الوطني وروح المواطنية ويُرسِّخ الوحدة الوطنية لدى الشعب الواحد من جهة والشعوب العربية من جهة أخرى، كما تلعب هذه المسلسلات دوراً هاماً في عملية التنشئة الاجتماعية للمُتلقّي -إن كان في مرحلة عمرية معيّنة لا سيّما المراهقة- فيُقدّم المسلسل بالنسبة لهذا المراهق أو ذاك نماذج وطنية يُحتذى بها ما يُساعد في تكوين شخصيته الوطنية.

عداك عمّا يُعالجه هذا النوع من الأعمال الدرامية التلفزيونية من قضايا وطنية إجتماعية تخص البلاد العربية وشعوبها مع مُقاربَتها بالواقع الذي نعيشه في المنطقة العربية التي تعيش تحوّلات داخلية (ثورات، إنتفاضات وأزمات) وخارجية في ظل تأثّرها بِما يُعرَف اليوم بالشرق الأوسط الجديد.

بذلك، لعلّ فن صناعة الدراما يستطيع توعية الرأي العام المحلي والعربي وطنياً وسياسياً من خلال تلك المسلسلات لِمُجابَهة ما نمرُّ به خلال الفترة الراهنة.