إعلان مسلسل "هارون الرشيد" بين قوّة الأداء، حرفية الإخراج وضخامة الإنتاج!

من المشاهد التي تمّ تصويرها خلال أول خمسة عشر يوماً من مسلسل هارون الرشيد، إقتُبِست لقطات الإعلان المُصوّر الأول لهذا العمل التاريخي الضخم الذي يُنافس ضمن الماراتون الرمضاني لهذا العام.
بإبهار الديكورات الخارجية والملابس التي إعتمدتها شخصيات العمل إلى جانب المؤثّرات الصوتية، تكرّست ثلاث دقائق من أجل جذب المُشاهِد عبر هذا الإعلان الذي إستُهِلّ بصوت "زُبيدة" أي الممثلة كاريس بشار وهي تصف زوجها "هارون الرشيد" الذي يُجسّد شخصيته بطل هذا العمل، الممثل قصي خولي، فتقول زبيدة:"هارون فتى بني العباس وفارسه" بنبرة صوتية يملؤها الإعتزاز!
ومن بعدها تنتقل اللقطات لوالدة الرشيد "خيزران" التي تلعب دورها الممثلة سمر سامي وهي تعطي بعض النصائح لنجلها فتطلب منه أن يكون في الآن عينه ليّناً، قوياً وصلباً ليتّسم بالحنكة كي يُدرك كيفية مجابهة أعدائه، ومن خلال ذلك نستشف دور المرأة في حياة هارون الرشيد بين الأم والزوجة.
وذلك قبل أن يأخذنا هذا الإعلان المقتضب من أجل التعرّف على باقي شخصيات العمل منهم: عابد فهد، عبد المحسن النمر، ياسر المصري، ياسر غلوم، كندة حنا، سامر إسماعيل، نضال نجم، ديمة بياعة، ديمة الجندي وغيرهم.
كما يكشف هذا الإعلان عن الصراعات التي كانت تُحيط في حياة الرشيد بسبب أعدائه وهو بدوره يُمضي حياته في سبيل الحفاظ على الدولة والعرش وتبوُّأ الحكم وهذا ما يختصره في جُملة من الحوار الذي وَرَد في الإعلان حينما يقول خولي:"البشر يرحلون والدولة باقية"، أيضاً نرى كيفية تعامله مع من يخون وطنه فيدفع ثمن هذه الخيانة باهظاً !
أيضاً يعكس هذا الإعلان واقع الصراعات التي شهدها العصر العباسي والتي أوْدت فيما بعد لإضمحلاله كالعصر الذي سبقه أي الأموي، ويأتي قصي خير ممثّلٍ لهذا الدور بأداء متقن حتى من خلال نبرات صوته التي تتبدّل مع كل حوار مختلف في تصاعده الدرامي.
فضلاً عن ذلك، من خلال هذا الإعلان نُشاهد معالجة الكاتب عثمان حجي لخط درامي عاطفي متوازي مع الخطوط الدرامية الأخرى التي يعالجها العمل حيث نرى العلاقة العاطفية بين هارون وزوجته زبيدة، وهذا الخط مقتبساً من واقع حياة هارون الرشيد رغم ما يرويه المؤرّخون عن حكاية طلاقه لزبيدة حيث تقول الحكاية أن هارون الرشيد كان قد أوقع يمين الطلاق على زوجته زبيدة في ظروف غريبة، وبعبارات أشد غرابة. ففي حديث دار بينه وزوجته زبيدة، والتي كانت الحب الكبير في حياته، قالت له، ولعلها كانت تعاتبه على إسرافه على نفسه:"أنت لن تدخل الجنة"، فقال لها:" أنت طالق إن لم أدخل الجنة" فندم الرشيد على هذه العبارة التي صدرت منه وانتابته الحيرة إن ما زالت زبيدة زوجة له أم أنها طالق وإحتار معه علماء الدين آنذاك لحين أتاه شيخاً يُدعى الإمام الليث وتلى للرشيد آية قرآنية تقول:"ولمن خاف مقام ربه جنتان" فردّ عليه الرشيد ليعترف بأنّه يخاف مقام ربّه" وعاد ليجيبه الإمام "إذن أنت لديك جنّتان وزبيدة ما زالت زوجتك".
ولا نعلم ما مدى صحّة هذا التوارث للقصص التاريخية إنما يأتي دور الكاتب في مسلسل هارون الرشيد ليقص علينا قصة حب هارون وزبيدة، وهذا الخط العاطفي الدرامي عادةً ما يجذب المُشاهد خاصة في الأعمال التاريخية التي قد تتصف بالجمود في حال أغفل الكاتب عن بعض المعايير الدرامية المطلوبة لجذب الجمهور المُتلقّي.
ولن ننسى الإشارة إلى أنّ هذا الإعلان جعلنا نستشف مدى ضخامة الإنتاج الذي يعود إلى شركة غولدن لاين والإخراج الذي يتولاه عبد الباري أبو الخير في ظل إفتقاد قائمة الأعمال الدرامية مؤخراً للمسلسلات التاريخية باللغة العربية الفصيحة بعدما كانت تُتحِفنا الإنتاجات السورية والمصرية بهذا النوع من الإنتاجات.
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية